كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)

مِنَ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ مَدْلُول لَفْظِ الْخُلْعِ وَيَحْكُمُونَ بِصِحَّتِهِ لِلْجَهْل بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ (1) .

مَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ شَيْءٍ وَجَهِل مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ:
9 - كُل مَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ شَيْءٍ وَجَهِل مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ لَمْ يُفِدْهُ ذَلِكَ، كَمَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الزِّنَى وَالْخَمْرِ وَجَهِل وُجُوبَ الْحَدِّ يُحَدُّ بِالاِتِّفَاقِ؛ لأَِنَّهُ كَانَ حَقُّهُ الاِمْتِنَاعَ، وَكَذَا لَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الْقَتْل وَجَهِل وُجُوبَ الْقِصَاصِ يَجِبُ الْقِصَاصُ، أَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الْكَلاَمِ فِي الصَّلاَةِ، وَجَهِل كَوْنَهُ مُبْطِلاً يُبْطِل، أَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الطِّيبِ عَلَى الْمُحْرِمِ وَجَهِل وُجُوبَ الْفِدْيَةِ تَجِبُ (2) .

الْجَهْل عُذْرٌ فِي الْمَنْهِيَّاتِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى:
10 - الْجَهْل عُذْرٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَنْهِيَّاتِ دُونَ الْمَأْمُورَاتِ، وَالأَْصْل فِيهِ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ لَمَّا تَكَلَّمَ فِي الصَّلاَةِ (3) ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِالإِْعَادَةِ لِجَهْلِهِ بِالنَّهْيِ. وَحَدِيثُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ: حَيْثُ أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيًّا بِنَزْعِ الْجُبَّةِ عَنْهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْفِدْيَةِ لِجَهْلِهِ (4) .
__________
(1) قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 2 / 102 والمنثور للزركشي 2 / 13 - 14.
(2) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 201.
(3) حديث معاوية بن الحكم. أخرجه مسلم (1 / 381 - ط الحلبي) .
(4) حديث يعلى بن أمية. أخرجه البخاري (الفتح 3 / 393 - ط السلفية) ومسلم (2 / 836 - ط الحلبي) .
وَاحْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ مَنْ وَطِئَ فِي الإِْحْرَامِ جَاهِلاً فَلاَ فِدْيَةَ عَلَيْهِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْمَأْمُورَاتِ إِقَامَةُ مَصَالِحِهَا. وَذَلِكَ لاَ يَحْصُل إِلاَّ بِفِعْلِهَا، وَالْمَنْهِيَّاتُ مَزْجُورٌ عَنْهَا بِسَبَبِ مَفَاسِدِهَا امْتِحَانًا لِلْمُكَلَّفِ بِالاِنْكِفَافِ عَنْهَا، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالتَّعَمُّدِ لاِرْتِكَابِهَا، وَمَعَ الْجَهْل لَمْ يَقْصِدْ الْمُكَلَّفُ ارْتِكَابَ الْمَنْهِيِّ، فَعُذِرَ بِالْجَهْل فِيهِ.
أَمَّا فِي حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ فَقَدْ لاَ يُعْذَرُ، كَمَا لَوْ ضَرَبَ مَرِيضًا جَهِل مَرَضَهُ ضَرْبًا يَقْتُل الْمَرِيضَ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الأَْصَحِّ. بِخِلاَفِ مَا لَوْ حَبَسَ مَنْ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ مُدَّةً لاَ يَمُوتُ فِيهَا الشَّبْعَانُ عِنْدَ الْحَبْسِ فَلاَ قِصَاصَ.
وَكَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ أَمَارَاتِ الْمَرَضِ لاَ تَخْفَى بِخِلاَفِ الْجُوعِ (1) .

أَحْكَامُ الْجَهْل:
لِلْجَهْل أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ فِي الْفِقْهِ الإِْسْلاَمِيِّ نُجْمِلُهَا فِيمَا يَلِي:
جَهْل الْمَرْأَةِ عَادَتَهَا:
11 - الْمَرْأَةُ إِذَا جَهِلَتْ عَادَتَهَا لِنِسْيَانٍ أَوْ جُنُونٍ وَنَحْوِهِمَا (وَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَحَيُّرِهَا فِي أَمْرِهَا، وَهِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ. لَهَا
__________
(1) المنثور للزركشي 2 / 19 - 21.

الصفحة 202