كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)
لِرَفْعِ الْحَرَجِ، فَيَشْمَل الْوَاجِبَ وَالْمُسْتَحَبَّ وَالْمُبَاحَ وَالْمَكْرُوهَ (1) . قَال الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يَجْرِي فِي كَلاَمِ الأَْصْحَابِ (أَيِ الشَّافِعِيَّةِ) : جَائِزٌ كَذَا وَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَفْعَل كَذَا، وَيُرِيدُونَ بِهِ الْوُجُوبَ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِيمَا إِذَا كَانَ الْفِعْل دَائِرًا بَيْنَ الْحُرْمَةِ وَالْوُجُوبِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ: يَجُوزُ؛ رَفْعُ الْحُرْمَةِ فَيَبْقَى الْوُجُوبُ (2) .
وَيَأْتِي الْجَوَازُ فِي كَلاَمِ الْفُقَهَاءِ أَيْضًا بِمَعْنَى الصِّحَّةِ وَهِيَ مُوَافَقَةُ الْفِعْل ذِي الْوَجْهَيْنِ لِلشَّرْعِ (3) .
الْجَوَازُ وَاللُّزُومُ فِي التَّصَرُّفَاتِ:
2 - قَال الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: تَنْقَسِمُ التَّصَرُّفَاتُ مِنْ حَيْثُ جَوَازُهَا وَلُزُومُهَا إِلَى أَقْسَامٍ:
الْقِسْمُ الأَْوَّل: مَا لاَ تَتِمُّ مَصَالِحُهُ وَمَقَاصِدُهُ إِلاَّ بِلُزُومِهِ مِنْ طَرَفَيْهِ، كَالْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ وَالأَْنْكِحَةِ وَالأَْوْقَافِ وَالضَّمَانِ.
أَمَّا الْبَيْعُ وَالإِْجَارَةُ فَلَوْ كَانَا جَائِزَيْنِ لَمَا وَثِقَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالاِنْتِفَاعِ بِمَا صَارَ إِلَيْهِ وَلَبَطَلَتْ فَائِدَةُ شَرْعِيَّتِهِمَا؛ إِذْ لاَ يَأْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ فَسْخِ صَاحِبِهِ.
__________
(1) حاشية البيجوري على ابن قاسم 1 / 41 ط الحلبي.
(2) المنثور في القواعد 2 / 7.
(3) الموسوعة الفقهية 1 / 127.
وَأَمَّا النِّكَاحُ فَلاَ تَحْصُل مَقَاصِدُهُ إِلاَّ بِلُزُومِهِ، وَلاَ يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ مَجْلِسٍ وَلاَ خِيَارُ شَرْطٍ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الضَّرَرِ عَلَى الزَّوْجَيْنِ فِي أَنْ يَرُدَّ كُلٌّ مِنْهُمَا رَدَّ السِّلَعِ.
وَأَمَّا الأَْوْقَافُ فَلاَ يَحْصُل مَقْصُودُهَا الَّذِي هُوَ جَرَيَانُ أَجْرِهَا فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَمَاتِ إِلاَّ بِلُزُومِهَا. وَأَمَّا الضَّمَانُ فَلاَ يَحْصُل مَقْصُودُهُ إِلاَّ بِلُزُومِهِ وَلاَ خِيَارَ فِيهِ وَلاَ فِي الْوَقْتِ بِحَالٍ (1) .
3 - ثُمَّ قَال: الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ التَّصَرُّفَاتِ: مَا تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ فِي كَوْنِهِ جَائِزًا مِنَ الطَّرَفَيْنِ كَالشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْجَعَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْقِرَاضِ وَالْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ.
أَمَّا الْوَكَالَةُ فَلَوْ لَزِمَتْ مِنْ جَانِبِ الْوَكِيل لأََدَّى ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَزْهَدَ الْوُكَلاَءُ فِي الْوَكَالَةِ خَوْفَ لُزُومِهَا فَيَتَعَطَّل عَلَيْهِمْ هَذَا النَّوْعُ مِنَ النَّفْعِ، وَلَوْ لَزِمَتْ مِنْ جَانِبِ الْمُوَكِّل لَتَضَرَّرَ؛ لأَِنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إِلَى الاِنْتِفَاعِ بِمَا وَكَّل فِيهِ لِجِهَاتٍ أُخَرَ كَالأَْكْل وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ، أَوِ الْعِتْقِ أَوِ السُّكْنَى أَوِ الْوَقْفِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبِرِّ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالأَْمْوَاتِ.
وَالشَّرِكَةُ وَكَالَةٌ؛ لأَِنَّهَا إِنْ كَانَتْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَالتَّعْلِيل مَا ذُكِرَ، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْجَانِبَيْنِ فَإِنْ لَزِمَتْ فَقَدْ فَاتَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمَقْصُودَانِ الْمَذْكُورَانِ.
__________
(1) بتصرف من قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام 2 / 125، 126 نشر دار الكتب العلمية.
الصفحة 227