كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)
وَمَنْ مَلَكَ وَضْعَ خَشَبِهِ عَلَى حَائِطٍ فَزَال بِسُقُوطِهِ أَوْ قَلْعِهِ أَوْ سُقُوطِ الْحَائِطِ، ثُمَّ أُعِيدَ فَلَهُ إِعَادَةُ خَشَبِهِ؛ لأَِنَّ السَّبَبَ الْمُجَوِّزَ لِوَضْعِهِ مُسْتَمِرٌّ فَاسْتَمَرَّ اسْتِحْقَاقُ ذَلِكَ. وَإِنْ زَال السَّبَبُ مِثْل أَنْ يَخْشَى عَلَى الْحَائِطِ مِنْ وَضْعِهِ عَلَيْهِ، أَوِ اسْتَغْنَى عَنْ وَضْعِهِ لَمْ تَجُزْ إِعَادَتُهُ لِزَوَال السَّبَبِ الْمُبِيحِ (1) .
الدَّعْوَى فِي الْحَائِطِ:
10 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الرَّجُلَيْنِ إِذَا تَدَاعَيَا حَائِطًا بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا وَتَسَاوَيَا فِي كَوْنِهِ مُتَّصِلاً بِبِنَائِهِمَا اتِّصَالاً لاَ يُمْكِنُ إِحْدَاثُهُ بَعْدَ بِنَاءِ الْحَائِطِ، مِثْل اتِّصَال الْبِنَاءِ بِالطِّينِ، أَوْ تَسَاوَيَا فِي كَوْنِهِ مَحْلُولاً مِنْ بِنَائِهِمَا، فَهُمَا سَوَاءٌ فِي الدَّعْوَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا وَيُجْعَل بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَبِهِ قَال أَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ أَيْضًا. وَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ مُتَّصِلاً بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا دُونَ الآْخَرِ فَهُوَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (2) .
وَإِنْ كَانَ لأَِحَدِهِمَا خَشَبٌ مَوْضُوعٌ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ تُرَجَّحُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَسْمَحُ بِهِ الْجَارُ، وَقَدْ وَرَدَ الْخَبَرُ بِالنَّهْيِ عَنِ الْمَنْعِ مِنْهُ.
__________
(1) المغني 4 / 557.
(2) الفتاوى البزازية المطبوع على هامش الفتاوى الهندية 6 / 426، والقليوبي 2 / 317، 318، والمغني 4 / 560، 561، والقوانين الفقهية ص 200 - 201 ط دار العلم.
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ مَا عَدَا مُحَمَّدًا أَنَّهُ لاَ تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بِالْجِذْعِ الْوَاحِدِ؛ لأَِنَّ الْحَائِطَ لاَ يُبْنَى لَهُ، وَيُرَجَّحُ بِالْجِذْعَيْنِ؛ لأَِنَّ الْحَائِطَ يُبْنَى بِهِمَا.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تُرَجَّحُ بِهِ الدَّعْوَى؛ لأَِنَّهُ مُنْتَفِعٌ بِهِ بِوَضْعِ مَالِهِ عَلَيْهِ، فَأَشْبَهَ الْبَانِيَ عَلَيْهِ، وَالزَّارِعَ فِي الأَْرْضِ.
وَكَذَا لاَ تُرَجَّحُ الدَّعْوَى بِكَوْنِ الدَّوَاخِل إِلَى أَحَدِهِمَا، وَلاَ بِكَوْنِ الآْجُرِّ الصَّحِيحِ مِمَّا يَلِي مِلْكَ أَحَدِهِمَا، وَإِقْطَاعُ الآْجُرِّ إِلَى مِلْكِ الآْخَرِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ (1) .
وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يُحْكَمُ بِهِ لِمَنْ إِلَيْهِ وَجْهُ الْحَائِطِ وَمَعَاقِدُ الْقُمُطِ؛ لِمَا رَوَى نِمْرَانُ بْنُ جَارِيَةَ التَّمِيمِيُّ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ قَوْمًا اخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُصٍّ فَبَعَثَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فَحَكَمَ بِهِ لِمَنْ تَلِيهِ مَعَاقِدُ الْقُمُطِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَال: أَصَبْتَ
__________
(1) حديث: " البينة على المدعي واليمين على من أنكر " أخرجه الدارقطني في سننه (3 / 110 - ط دار المحاسن) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وضعفه ابن حجر في التلخيص (4 / 208 - ط شركة الطباعة الفنية) ولكن روى البخاري (الفتح 8 / 213 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1336 - ط الحلبي) من حديث ابن عباس مرفوعا: " اليمين على المدعى عليه " وأخرج البيهقي في سننه (10 / 252 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس كذلك قوله: " البينة على المدعي " وإسناده صحيح.
الصفحة 235