كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)

الاِجْتِهَادُ إِذَا فَقَدَ ثِقَةً يُخْبِرُهُ؛ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ الْمُعَايَنَةَ مِنَ الْمَشَقَّةِ (1) . وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ ج 4 ص 64، 65) .

د - مَسُّ الْمُصْحَفِ:
7 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِلاَ حَائِلٍ. قَال تَعَالَى: {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} (2) . وَفِي كِتَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنْ لاَ يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلاَّ طَاهِرٌ (3) .
وَاخْتَلَفُوا فِي مَسِّهِ بِحَائِلٍ، كَغِلاَفٍ أَوْ كُمٍّ أَوْ نَحْوِهِمَا.
فَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ يَقُولُونَ بِالتَّحْرِيمِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ بِحَائِلٍ. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَلَوْ كَانَ الْحَائِل ثَخِينًا، حَيْثُ يُعَدُّ مَاسًّا عُرْفًا. وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِحُرْمَةِ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَإِنْ مَسَّهُ بِقَضِيبٍ وَنَحْوِهِ وَكَذَلِكَ مَسُّ جِلْدِ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ وَإِنْ بِعَلاَّقَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ إِلاَّ بِأَمْتِعَةٍ قَصَدَ حَمْلَهَا (4) .
وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ جَوَازُ مَسِّ الْمُصْحَفِ
__________
(1) نهاية المحتاج 1 / 418.
(2) سورة الواقعة / 79.
(3) ابن عابدين 1 / 117، وجواهر الإكليل 1 / 21، والحطاب 1 / 303، والقليوبي 1 / 35، والمغني 1 / 147.
(4) جواهر الإكليل 1 / 21، والحطاب 1 / 303، وحاشية القليوبي 1 / 35.
لِلْمُحْدِثِ بِحَائِلٍ مِمَّا لاَ يَتْبَعُهُ فِي الْبَيْعِ كَكِيسٍ وَكُمٍّ (1) . لأَِنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَرَدَ عَنْ مَسِّهِ، وَمَعَ الْحَائِل إِنَّمَا يَكُونُ الْمَسُّ لِلْحَائِل دُونَ الْمُصْحَفِ (2) . وَمِثْلُهُ مَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ فَرَّقُوا بَيْنَ الْحَائِل الْمُنْفَصِل وَالْمُتَّصِل فَقَالُوا: يَحْرُمُ مَسُّ الْمُصْحَفِ لِلْمُحْدِثِ إِلاَّ بِغِلاَفٍ مُتَجَافٍ - أَيْ غَيْرِ مَخِيطٍ - أَوْ بِصُرَّةٍ. وَالْمُرَادُ بِالْغِلاَفِ مَا كَانَ مُنْفَصِلاً كَالْخَرِيطَةِ وَنَحْوِهَا؛ لأَِنَّ الْمُتَّصِل بِالْمُصْحَفِ مِنْهُ، وَعَلَى ذَلِكَ الْفَتْوَى (3) . وَتَفْصِيلُهُ فِي بَحْثِ: (مُصْحَفٌ) .

هـ - الاِقْتِدَاءُ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ:
8 - جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ) عَلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ إِذَا حَال بَيْنَ الإِْمَامِ وَالْمُقْتَدِي جِدَارٌ كَبِيرٌ أَوْ بَابٌ مُغْلَقٌ يَمْنَعُ الْمُقْتَدِيَ مِنَ الْوُصُول إِلَى إِمَامِهِ لَوْ قَصَدَ الْوُصُول إِلَيْهِ. وَيَصِحُّ إِذَا كَانَ الْحَائِل صَغِيرًا لاَ يَمْنَعُ ذَلِكَ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى عَدَمِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْجِدَارُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا فَقَالُوا بِجَوَازِ الاِقْتِدَاءِ إِذَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ
__________
(1) كشاف القناع 1 / 134، 135.
(2) نفس المرجع.
(3) حاشية ابن عابدين 1 / 117.

الصفحة 240