كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)
نِكَاحُ الْحَامِل:
5 - الْحَامِل مِنْ غَيْرِ الزِّنَى، أَيْ مَنْ كَانَ حَمْلُهَا ثَابِتَ النَّسَبِ لاَ يَصِحُّ نِكَاحُهَا لِغَيْرِ مَنْ ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ قَبْل وَضْعِ الْحَمْل بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّ الْحَمْل إِذَا كَانَ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنَ الْغَيْرِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَمْ فَاسِدٍ أَمْ وَطْءِ شُبْهَةٍ لَزِمَ حِفْظُ حُرْمَةِ مَائِهِ بِالْمَنْعِ مِنَ النِّكَاحِ، وَلأَِنَّ عِدَّةَ الْحَامِل لاَ تَنْتَهِي إِلاَّ بِوَضْعِ الْحَمْل، وَلاَ يَجُوزُ نِكَاحُ مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ أَثْنَاءَ الْعِدَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} (1) أَيْ مَا كُتِبَ عَلَيْهَا مِنَ التَّرَبُّصِ. (2)
وَيَجُوزُ نِكَاحُ الْحَامِل الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنِ بَيْنُونَةً صُغْرَى لِمَنْ لَهُ الْحَمْل أَيِ الزَّوْجِ السَّابِقِ؛ لأَِنَّ الْعِدَّةَ حَقُّ الزَّوْجِ فَلاَ يُمْنَعُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي حَقِّهِ.
أَمَّا الْمُطَلَّقَةُ ثَلاَثًا (الْبَائِنُ بَيْنُونَةً كُبْرَى) فَلاَ يَجُوزُ نِكَاحُهَا إِلاَّ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْل اتِّفَاقًا. (3)
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ نِكَاحِ الْحَامِل مِنْ زِنًى: فَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لاَ يَجُوزُ نِكَاحُهَا قَبْل وَضْعِ الْحَمْل، لاَ مِنَ الزَّانِي نَفْسِهِ وَلاَ مِنْ غَيْرِهِ؛ وَذَلِكَ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) سورة البقرة / 235.
(2) البدائع 2 / 269، وابن عابدين 2 / 291، 262، وجواهر الإكليل 1 / 276، وحاشية الدسوقي 2 / 218، والجمل 4 / 455، 471، 472، والمغني 6 / 601.
(3) المراجع السابقة.
: لاَ تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ (1) .
وَلِمَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَجُلاً تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمَّا أَصَابَهَا وَجَدَهَا حُبْلَى فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا (2) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُ الْحَامِل مِنَ الزِّنَى؛ لأَِنَّ الْمَنْعَ مِنْ نِكَاحِ الْحَامِل حَمْلاً ثَابِتَ النَّسَبِ لِحُرْمَةِ مَاءِ الْوَطْءِ، وَلاَ حُرْمَةَ لِمَاءِ الزِّنَى بِدَلِيل أَنَّهُ لاَ يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ (3) . وَلاَ تُشْتَرَطُ التَّوْبَةُ لِصِحَّةِ نِكَاحِ الزَّانِيَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ رَجُلاً وَامْرَأَةً فِي الزِّنَى وَحَرَصَ عَلَى أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا. (4)
__________
(1) حديث: " لا توطأ حامل حتى تضع " أخرجه أبو داود (2 / 614 - ط عزت عبيد الدعاس) . والبيهقي (7 / 449 - ط دار المعرفة) والحاكم (2 / 195 - ط دار الكتاب العربي) من حديث أبي سعيد الخدري. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وأقره الذهبي.
(2) ابن عابدين 2 / 291، وجواهر الإكليل 1 / 276، وكشاف القناع 5 / 82، 83، وحديث: " أن رجلا تزوج امرأة فلما أصابها. . . " أخرجه سعيد بن منصور (1 / 176 - 177 - ط علمي بريس) مرسلا عن سعيد بن المسيب. والبيهقي (7 / 157 - ط دار المعرفة) مرسلا وموصولا عن رجل من الأنصار. وفيه ابن جريج وقد عنعن.
(3) حديث: " الولد للفراش، وللعاهر الحجر " أخرجه البخاري (فتح الباري 12 / 32 - ط السلفية) ومسلم (2 / 1080 - ط عيسى الحلبي) من حديث عائشة.
(4) البدائع 2 / 269، وابن عابدين 2 / 291، 292، والجمل 4 / 455، 456، 471، 472.
الصفحة 272