كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)

وَالتَّعْزِيرُ بِالْجَلْدِ وَنَحْوِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَدِّ جَلْدًا مِنْ حَيْثُ التَّأْخِيرُ وَعَدَمُهُ. (1)
وَيُعْتَبَرُ قَوْلُهَا إِنِ ادَّعَتِ الْحَمْل عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لِقَبُول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْل الْغَامِدِيَّةِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يُقْبَل قَوْلُهَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهَا، بَل بِظُهُورِ أَمَارَاتِ الْحَمْل. وَمِثْل الْحُدُودِ حُكْمُ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ وَالأَْطْرَافِ. (2) (ر: حَدٌّ، قِصَاصٌ) .

الاِعْتِدَاءُ عَلَى الْحَامِل:
17 - الاِعْتِدَاءُ عَلَى الْحَامِل بِالضَّرْبِ وَغَيْرِهِ جَرِيمَةٌ كَالاِعْتِدَاءِ عَلَى أَيِّ إِنْسَانٍ يُنْظَرُ حُكْمُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (جِنَايَةٌ) فَإِذَا تَسَبَّبَ الاِعْتِدَاءُ فِي سُقُوطِ الْجَنِينِ مَيِّتًا فَفِيهِ غُرَّةٌ اتِّفَاقًا؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: قَضَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ سَقَطَ مَيِّتًا بِغُرَّةِ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ. فَقَضَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ الْعَقْل عَلَى عَصَبَتِهَا (3) .
__________
(1) ابن عابدين 3 / 148، وكشاف القناع 6 / 82، والقليوبي 4 / 183، والمغني 8 / 172.
(2) المراجع السابقة، وابن عابدين 3 / 13، وجواهر الإكليل 2 / 263، ومواهب الجليل مع التاج والإكليل 6 / 253، والقليوبي 4 / 124.
(3) حديث: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة. . . . " أخرجه مسلم (3 / 1309 - ط عيسى الحلبي) من حديث أبي هريرة.
وَتَجِبُ الْغُرَّةُ أَيْضًا إِذَا أَسْقَطَتْهُ الْحَامِل بِدَوَاءٍ أَوْ فِعْلٍ كَضَرْبِ بَطْنِهَا مَثَلاً. وَالْغُرَّةُ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ قِيمَتُهَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ أُمِّ الْجَنِينِ، تَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، خِلاَفًا لِلْحَنَابِلَةِ وَمَنْ مَعَهُمْ إِذَا كَانَ الاِعْتِدَاءُ عَمْدًا حَيْثُ يَقُولُونَ بِوُجُوبِهَا فِي مَال الْجَانِي. (ر غُرَّةٌ) .
18 - وَإِذَا أَلْقَتْ بِهِ حَيًّا حَيَاةً مُحَقَّقَةً بِأَنِ اسْتَهَل صَارِخًا مَثَلاً ثُمَّ مَاتَ بِسَبَبِ الاِعْتِدَاءِ فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ وَكَفَّارَةٌ اتِّفَاقًا، إِذَا كَانَ الاِعْتِدَاءُ خَطَأً، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ عَمْدًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ) .
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ إِذَا كَانَ عَمْدًا. (1) وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحَاتِ: (إِجْهَاضٌ، جَنِينٌ، غُرَّةٌ) .

مَوْتُ الْحَامِل وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ حَيٌّ:
19 - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ - وَهُوَ قَوْل سُحْنُونٍ وَابْنِ يُونُسَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ - بِأَنَّ الْحَامِل إِذَا مَاتَتْ وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ حَيٌّ شُقَّ بَطْنُهَا وَيُخْرَجُ وَلَدُهَا؛ لأَِنَّهُ اسْتِبْقَاءُ حَيٍّ بِإِتْلاَفِ جُزْءٍ مِنَ الْمَيِّتِ، فَأَشْبَهَ مَا إِذَا اضْطُرَّ إِلَى أَكْل جُزْءٍ مِنَ
__________
(1) ابن عابدين 5 / 377، 379، وحاشية القليوبي 4 / 159، وجواهر الإكليل 2 / 267، 272، وأسنى المطالب 4 / 89، وبداية المجتهد 2 / 407، والمغني لابن قدامة 7 / 299، 300، 811 - 815.

الصفحة 278