كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَجْهَرُ الإِْمَامُ بِالتَّسْلِيمِ بِقَدْرِ التَّسْمِيعِ، وَيُنْدَبُ لِغَيْرِ الإِْمَامِ إِسْرَارُهَا. (1)
وَقَال النَّوَوِيُّ: قَال جُمْهُورُهُمْ: يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً. وَاخْتَلَفُوا هَل يَجْهَرُ الإِْمَامُ بِالتَّسْلِيمِ؟ فَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ يَقُولاَنِ: يَجْهَرُ، وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَال مَالِكٌ فِي السَّلاَمِ عَلَى الْجَنَائِزِ: يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَكَذَلِكَ مَنْ خَلْفَ الإِْمَامِ وَهُوَ دُونَ سَلاَمِ الإِْمَامِ، تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً لِلإِْمَامِ وَغَيْرِهِ - وَفِي رِوَايَةٍ يُسَلِّمُ الإِْمَامُ وَاحِدَةً قَدْرَ مَا يُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ، وَيُسَلِّمُ مَنْ وَرَاءَهُ وَاحِدَةً فِي أَنْفُسِهِمْ، وَإِنْ أَسْمَعُوا مَنْ يَلِيهِمْ لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا، وَقَالَتِ الْحَنَابِلَةُ: يُسَلِّمُ بِلاَ تَشَهُّدٍ وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ، وَيَجُوزُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَيَجُوزُ ثَانِيَةٌ.
وَلاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي غَيْرِ التَّكْبِيرَةِ الأُْولَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِ بَلْخَ اخْتَارُوا الرَّفْعَ فِي كُل تَكْبِيرَةٍ.
وَبِهِ قَال مَالِكٌ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ لاَ تُرْفَعُ الأَْيْدِي فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ إِلاَّ فِي أَوَّل تَكْبِيرَةٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَاتِ الأَْرْبَعِ.
__________
(1) ابن عابدين 1 / 611، ومغني المحتاج 1 / 341، وكشاف القناع 2 / 112، والطحطاوي على المراقي 242، وشرح مسلم 1 / 309، والشرح الصغير 1 / 556.
وَالرَّاجِحُ فِي مَذْهَبِهِمُ الأَْوَّل - وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الثَّوْرِيُّ، وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: نُدِبَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُْولَى فَقَطْ، وَفِي غَيْرِ الأُْولَى خِلاَفُ الأَْوْلَى.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُسَنُّ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي كُل تَكْبِيرَةٍ. (1)

مَا يَفْعَل الْمَسْبُوقُ فِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ:
32 - إِذَا جَاءَ رَجُلٌ وَقَدْ كَبَّرَ الإِْمَامُ التَّكْبِيرَةَ الأُْولَى وَلَمْ يَكُنْ حَاضِرًا انْتَظَرَهُ حَتَّى إِذَا كَبَّرَ الثَّانِيَةَ كَبَّرَ مَعَهُ، فَإِذَا فَرَغَ الإِْمَامُ كَبَّرَ الْمَسْبُوقُ التَّكْبِيرَةَ الَّتِي فَاتَتْهُ قَبْل أَنْ تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ، وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (وَقَال أَبُو يُوسُفَ يُكَبِّرُ حِينَ يَحْضُرُ) وَكَذَا إِنْ جَاءَ وَقَدْ كَبَّرَ الإِْمَامُ تَكْبِيرَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِرِ الْمَسْبُوقُ وَكَبَّرَ قَبْل تَكْبِيرِ الإِْمَامِ الثَّانِيَةَ أَوِ الثَّالِثَةَ أَوِ الرَّابِعَةَ لَمْ تَفْسُدْ صَلاَتُهُ، وَلَكِنْ لاَ يُعْتَدُّ بِتَكْبِيرَتِهِ هَذِهِ، وَإِنْ جَاءَ وَقَدْ كَبَّرَ الإِْمَامُ أَرْبَعًا وَلَمْ يُسَلِّمْ لاَ يَدْخُل مَعَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالأَْصَحُّ أَنَّهُ يَدْخُل، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلاَثًا قَبْل أَنْ تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ مُتَتَابِعًا لاَ دُعَاءَ فِيهَا (وَهُوَ قَوْل
__________
(1) الهندية 1 / 161، وشرح مسلم 1 / 309، والمدونة 1 / 160، 170، وغاية المنتهى 1 / 241، 242، نيل الأوطار 4 / 53، والشرح الصغير 1 / 224، والتنبيه ص 37، ومغني المحتاج 1 / 342، والمغني 2 / 490 ط الرياض، شرح مسلم 7 / 14، المطبعة المصرية.

الصفحة 29