كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)

أَمَّا الْمُتَّهَمُ الْمَعْرُوفُ بِالْفُجُورِ وَالْفَسَادِ فَأَكْثَرُ مُدَّةِ حَبْسِهِ بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ ظُهُورُ حَالِهِ وَالْكَشْفُ عَنْهُ، وَلَوْ حُبِسَ حَتَّى الْمَوْتِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فِي مَذَاهِبِ فُقَهَاءِ الأَْمْصَارِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَنُقِل هَذَا أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، إِلاَّ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَال: لاَ يُحْبَسُ حَتَّى الْمَوْتِ.
وَقَال الزُّبَيْرِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ: غَايَةُ حَبْسِ الْمُتَّهَمِ الْمَعْرُوفِ بِالْفُجُورِ وَالْفَسَادِ شَهْرٌ وَاحِدٌ، وَحُكِيَ هَذَا عَنْ غَيْرِهِ أَيْضًا (1) .

الْحَبْسُ لِلاِحْتِرَازِ:
41 - الاِحْتِرَازُ لُغَةً: التَّحَفُّظُ عَلَى الشَّيْءِ تَوَقِّيًا (2) . وَلَيْسَ لِلْحَبْسِ الاِحْتِرَازِيِّ تَعْرِيفٌ خَاصٌّ بِهِ مَعَ مَا ذَكَرُوا لَهُ مِنْ وَقَائِعَ عَدِيدَةٍ (3) . وَيُقْصَدُ بِهِ: التَّحَفُّظُ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ عَلَى مَنْ يُتَوَقَّعُ حُدُوثُ ضَرَرٍ بِتَرْكِهِ، وَلاَ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ تُهَمَةٍ.
42 - وَمِمَّا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ: حَبْسُ الْعَائِنِ الَّذِي يَضُرُّ النَّاسَ بِعَيْنِهِ احْتِرَازًا مِنْ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 4 / 76 و 88، وتبصرة الحكام 2 / 147، 155 و 239، والأحكام للماوردي ص 220، والأحكام لأبي يعلى ص 258، والطرق الحكمية ص 105.
(2) القاموس والمصباح مادة: (حرز) .
(3) مغني المحتاج للشربيني 4 / 127، وانظر البداية لابن كثير 3 / 307.
أَذَاهُ (1) ، وَحَبْسُ نِسَاءِ الْبُغَاةِ وَصِبْيَانِهِمْ تَحَفُّظًا عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُشَارَكَةِ فِي الْبَغْيِ، مَعَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْل الْقِتَال (2) . وَكَانَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي يَحْبِسُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ فِي الْمَسْجِدِ مُؤَقَّتًا إِلَى أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْطِ الْحَقَّ أَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ (3) .

الْحَبْسُ بِقَصْدِ تَنْفِيذِ عُقُوبَةٍ:
43 - إِذَا حَال دُونَ تَنْفِيذِ الْعُقُوبَةِ الْمَحْكُومِ بِهَا أَمْرٌ عَارِضٌ أُرْجِئَ التَّنْفِيذُ حَتَّى يَزُول الْعُذْرُ، فَإِذَا خِيفَ هَرَبُ الْمَطْلُوبِ تَنْفِيذُ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ جَازَ حَبْسُهُ (4) .
44 - وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُؤَخَّرُ الْمَرِيضُ (5) . وَالْحَامِل (6) . وَالنُّفَسَاءُ (7) . وَالْمُرْضِعُ (8) .
__________
(1) حاشية ابن عابدين 6 / 364، والفروع لابن مفلح 6 / 113، وحاشية الصعيدي على كفاية الطالب 2 / 410، وحاشية القليوبي 4 / 162، وحاشية الباجوري 2 / 227، وفتح الباري 10 / 205، وشرح مسلم للنووي 14 / 173.
(2) أسنى المطالب 4 / 114، والمغني لابن قدامة 8 / 115، وبدائع الصنائع 7 / 134 و 141، وتبصرة الحكام 2 / 281، والبحر الزخار 5 / 419.
(3) فتح الباري 1 / 556، والمصنف لعبد الرزاق 8 / 306.
(4) الدر المختار وحاشيته 4 / 16، وأسنى المطالب 4 / 133، والمدونة 5 / 206.
(5) الفروق للكرابيسي 1 / 295، وبداية المجتهد 2 / 438، والمغني لابن قدامة 8 / 173، وحاشية القليوبي 4 / 183، ونيل الأوطار 7 / 120.
(6) الدر المختار 4 / 16، والشرح الكبير 4 / 322، والمغني لابن قدامة 8 / 171.
(7) المواضع السابقة.
(8) المواضع السابقة.

الصفحة 295