كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)
هـ - الْحَبْسُ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ فِي الضَّرْبِ وَاللَّطْمِ:
50 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى إِطَالَةِ حَبْسِ مَنْ ضَرَبَ غَيْرَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، إِذَا احْتَاجَ إِلَى زِيَادَةِ تَأْدِيبٍ لِعَظِيمِ مَا اقْتَرَفَ. وَقَال آخَرُونَ بِالتَّعْزِيرِ عَامَّةً. وَذَهَبَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ إِلَى الْقِصَاصِ فِي ذَلِكَ (1) .
و حَبْسُ الْعَائِنِ:
51 - يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَمْرُ الْعَائِنِ بِالْكَفِّ عَنْ حَسَدِهِ وَإِيذَاءِ النَّاسِ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ أَبَى فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ مُدَاخَلَةِ النَّاسِ وَمُخَالَطَتِهِمْ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِحَبْسِهِ فِي بَيْتِهِ وَالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَال إِنْ كَانَ فَقِيرًا دَفْعًا لِضَرَرِهِ عَنِ النَّاسِ، وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (2) .
وَقَال بَعْضُهُمْ: يُحْبَسُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَكُفَّ عَنْ حَسَدِهِ وَتَصْفُوَ نَفْسُهُ بِالتَّوْبَةِ (3) .
__________
(1) الدر المختار 4 / 66، والمعيار 2 / 412، وأسنى المطالب 4 / 67، والإنصاف 10 / 15، والسياسة الشرعية لابن تيمية ص 150 - 151.
(2) حاشية الصعيدي على كفاية الطالب 2 / 410، وحاشية ابن عابدين 6 / 364، وإعانة الطالبين للبكري 4 / 132، وحاشية الباجوري 2 / 227، والفروع 6 / 112، وفتح الباري 1 / 205، وشرح صحيح مسلم للنووي 14 / 173.
(3) حاشية القليوبي 4 / 162، وإعانة الطالبين وحاشية الباجوري: الموضعين السابقين، والإنصاف 10 / 249، وزاد المعاد 3 / 118، والفروع 6 / 113.
ز - حَبْسُ الْمُتَسَتِّرِ عَلَى الْقَاتِل وَنَحْوِهِ:
52 - ذَكَرَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ مَنْ آوَى قَاتِلاً وَنَحْوَهُ مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ أَوْ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لآِدَمِيٍّ، وَمَنَعَهُ مِمَّنْ يَسْتَوْفِي مِنْهُ الْوَاجِبَ بِلاَ عُدْوَانٍ فَهُوَ شَرِيكُهُ فِي الْجُرْمِ، وَقَدْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَيُعَاقَبُ بِالْحَبْسِ وَالضَّرْبِ حَتَّى يُمَكِّنَ مِنْهُ أَوْ يَدُل عَلَيْهِ؛ لِتَرْكِهِ وَاجِبَ التَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى (1) .
ح - الْحَبْسُ لِحَالاَتٍ تَتَّصِل بِالْقَسَامَةِ (2) :
53 - مِمَّا يَتَّصِل بِالْحَبْسِ فِي الْقَسَامَةِ: أَنَّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسَامَةُ يُحْبَسُ إِذَا امْتَنَعَ مِنَ الْحَلِفِ حَتَّى يَحْلِفَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الْحَنَابِلَةِ، لَكِنَّ أَشْهَبَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ حَدَّدَ مُدَّةَ الْحَبْسِ فِي ذَلِكَ بِسَنَةٍ، فَإِنْ حَلَفَ وَإِلاَّ أُطْلِقَ وَكَانَتْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ مِنْ مَالِهِ.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ، وَهُوَ الْقَوْل الآْخَرُ لِلْحَنَابِلَةِ: لاَ يُحْبَسُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسَامَةُ لِنُكُولِهِ، وَلَكِنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الدِّيَةُ (3) .
__________
(1) السياسة الشرعية ص 90 - 91.
(2) القسامة: الأيمان المكررة في دعوى القتل، انظر " قسامة ".
(3) بدائع الصنائع 7 / 289، وحاشية ابن عابدين 6 / 268، والاختيار 5 / 55، وحاشية الدسوقي 4 / 286، وتبصرة الحكام 1 / 266 و 288 و 320 و 2 / 245، وكفاية الطالب 2 / 240، والقوانين لابن جزي ص 229، وحاشية القليوبي 4 / 167، والمغني لابن قدامة 8 / 68، والإنصاف 10 / 148، ومنتهى الإرادات لابن النجار 2 / 455.
الصفحة 299