كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)
أَبَى حُبِسَ حَتَّى يَرُدَّهُ، فَإِنِ ادَّعَى هَلاَكَهُ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ مُدَّةً يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاقِيًا لأََظْهَرَهُ، ثُمَّ يَقْضِي عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ. وَقِيل: بَل يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَلاَ يُحْبَسُ. وَمَنْ بَلَعَ دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا أَوْ لُؤْلُؤَةً حُبِسَ حَتَّى يَرْمِيَهُ لِصَاحِبِهِ (1) .
هـ - الْحَبْسُ لِلاِخْتِلاَسِ مِنْ بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ:
77 - ذَهَبَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ إِلَى حَبْسِ مَنِ اخْتَلَسَ مِنْ بَيْتِ الْمَال، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعَ مَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ (2) .
و حَبْسُ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ:
78 - نَصَّ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَى حَبْسِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ مَعَ اعْتِقَادِهِ وُجُوبَهَا (3) .
ز - الْحَبْسُ لِلدَّيْنِ: مَشْرُوعِيَّةُ حَبْسِ الْمَدِينِ:
79 - الْمَدِينُ أَحَدُ رَجُلَيْنِ: إِمَّا مُعْسِرٌ، وَإِمَّا مُوسِرٌ:
__________
(1) الدر المختار وحاشيته 5 / 282 - 283 و 6 / 185، وحاشية الدسوقي 3 / 442، والقوانين الفقهية ص 217، وشرح المحلي على منهاج الطالبين 3 / 34، والمحلى لابن حزم 5 / 166 ط المنيرية.
(2) المغني 8 / 325، وتبصرة الحكام 2 / 299.
(3) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 491، وتبصرة الحكام 2 / 191، وحاشية الدسوقي 1 / 503، ومنتهى الإرادات لابن النجار 1 / 203.
فَالْمَدِينُ الَّذِي ثَبَتَ إِعْسَارُهُ يُمْهَل حَتَّى يُوسِرَ لِلآْيَةِ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (1) .
وَالْمَدِينُ الْمُوسِرُ يُعَاقَبُ إِذَا امْتَنَعَ مِنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ الْحَال لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ: لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِل عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ (2) .
وَلِلْعُلَمَاءِ قَوْلاَنِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ:
الْقَوْل الأَْوَّل: يُقْصَدُ بِالْعُقُوبَةِ فِي الْحَدِيثِ الْحَبْسُ، وَهَذَا قَوْل شُرَيْحٍ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَسَوَّارٍ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ.
وَاخْتَارَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ وَغَيْرُهُمَا؛ لأَِنَّ الْحُقُوقَ لاَ تُخَلَّصُ فِي هَذِهِ الأَْزْمِنَةِ غَالِبًا إِلاَّ بِهِ وَبِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ (3) .
الْقَوْل الثَّانِي: الْعُقُوبَةُ فِي الْحَدِيثِ هِيَ الْمُلاَزَمَةُ، حَيْثُ يَذْهَبُ الدَّائِنُ مَعَ الْمَدِينِ أَنَّى ذَهَبَ، وَهَذَا قَوْل أَبِي هُرَيْرَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَذَكَرُوا أَنَّ الْمَدِينَ لاَ يُحْبَسُ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْبِسْ
__________
(1) سورة البقرة / 280، وانظر شرح أدب القاضي للخصاف 2 / 350 - 351، وأخبار القضاة لوكيع 1 / 112 و 2 / 9.
(2) تقدم تخريجه في الفقرة (9) .
(3) المغني 4 / 499، والإنصاف 5 / 275، والسياسة الشرعية ص 43، والطرق الحكمية ص 63، وبداية المجتهد 2 / 293، وجواهر الإكليل 2 / 92، وحاشية القليوبي 2 / 292، والاختيار 2 / 89، والهداية 3 / 84، وسبل السلام 3 / 55 - 56.
الصفحة 308