كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)
لِلْمَدِينِ الْمُفْلِسِ، وَلَمْ يُعْلَمْ مَكَانُهُ حُبِسَ حَتَّى يُظْهِرَهُ إِنْ طَلَبَ غَرِيمُهُ ذَلِكَ. وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ لِلْحَدِيثِ الآْنِفِ ذِكْرُهُ (1) .
حَبْسُ الْمُفْلِسِ بِطَلَبِ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ:
84 - إِنْ طَلَبَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ حَبْسَ الْمُفْلِسِ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ إِعْسَارُهُ وَأَبَى بَعْضُهُمْ حُبِسَ وَلَوْ لِوَاحِدٍ، فَإِنْ أَرَادَ الَّذِينَ لَمْ يَحْبِسُوا مُحَاصَّةَ الْحَابِسِ فِي مَال الْمُفْلِسِ الْمَحْبُوسِ فَلَهُمْ ذَلِكَ. وَلَهُمْ أَيْضًا إِبْقَاءُ حِصَصِهِمْ فِي يَدِ الْمُفْلِسِ الْمَحْبُوسِ. وَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ الْحَابِسِ إِلاَّ حِصَّتُهُ (2) .
ط - الْحَبْسُ لِلتَّعَدِّي عَلَى حَقِّ اللَّهِ أَوْ حُقُوقِ الْعِبَادِ:
85 - شُرِعَ الْحَبْسُ فِي كُل تَعَدٍّ عَلَى حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى، كَالتَّعَامُل بِالرِّبَا، وَبَيْعِ الْخَمْرِ، وَالْغِشِّ وَالاِحْتِكَارِ، أَوِ الزَّوَاجِ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، أَوِ الْجَمْعِ بَيْنَ أُخْتَيْنِ، وَبَيْعِ الْوَقْفِ، وَفِي كُل تَعَدٍّ عَلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ، كَمَنْعِ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ مِنْ رِيعِهِ، وَالاِمْتِنَاعِ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَتَسْلِيمِ الأُْجْرَةِ، أَوْ بَدَل الْخُلْعِ، أَوِ الْجِزْيَةِ، أَوِ الْخَرَاجِ، أَوِ الْعُشْرِ، وَجَحْدِ الْوَدِيعَةِ، وَالْخِيَانَةِ فِي الْوَكَالَةِ، وَعَدَمِ الإِْنْفَاقِ عَلَى مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَا أَبْهَمَهُ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي أَبْوَابِهِ (3) .
__________
(1) السياسة الشرعية لابن تيمية ص 43.
(2) المدونة 5 / 230.
(3) الدر المختار وحاشيته 5 / 321، 381، 383 و 6 / 10، 446، والفتاوى الهندية 4 / 448، والسياسة الشرعية ص 43، وتبصرة الحكام 2 / 216، 304.
ي - حَبْسُ الْكَفِيل لإِِخْلاَلِهِ بِالْتِزَامَاتِهِ:
الْكَفَالَةُ نَوْعَانِ بِالْمَال وَبِالنَّفْسِ، وَتَتَّصِل بِالْحَبْسِ فِيمَا يَلِي:
أَوَّلاً: حَبْسُ الْكَفِيل بِالْمَال لاِمْتِنَاعِهِ مِنَ الْوَفَاءِ:
86 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى جَوَازِ حَبْسِ الْكَفِيل بِمَالٍ مُسْتَحَقٍّ إِذَا لَمْ يُوفِ الْمَكْفُول مَا عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ مُعْسِرًا، وَذَلِكَ لِتَخَلُّفِهِ عَمَّا الْتَزَمَهُ، وَلأَِنَّ ذِمَّتَهُ مَضْمُومَةٌ إِلَى ذِمَّةِ الْمَكْفُول بِالْمُطَالَبَةِ، فَلِذَا جَازَ حَبْسُهُ إِلاَّ إِذَا ثَبَتَ إِعْسَارُهُ. وَهَذَا مُقْتَضَى كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، بَل نُقِل الإِْجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ. وَالأَْصْل فِي هَذَا حَدِيثُ: الْحَمِيل غَارِمٌ (1) . وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ الْقَاضِي قَوْلُهُ: لاَ يُحْبَسُ الْكَفِيل إِذَا غَابَ الْمَكْفُول حَيْثُ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ إِحْضَارُهُ (2) .
ثَانِيًا: حَبْسُ الْكَفِيل بِالنَّفْسِ:
87 - تُعْرَفُ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ أَيْضًا بِكَفَالَةِ الْوَجْهِ وَالْبَدَنِ، وَهِيَ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ:
__________
(1) حديث: " الحميل غارم " ذكره ابن الأثير في جامع الأصول (7 / 61 - ط دار الملاح) ضمن حديث طويل، وعزاه إلى رزين، وهو في سنن أبي داود (3 / 622 - ط عزت عبيد دعاس) وابن ماجه (2 / 804 - ط الحلبي) والشطر المذكور ليس فيهما.
(2) المبسوط 20 / 89، وحاشية ابن عابدين 5 / 316 و 381، وحاشية الرملي 2 / 247، وبداية المجتهد 2 / 296، والروض المربع 5 / 100، واختلاف الفقهاء للطبري 2 / 28، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 491.
الصفحة 311