كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)
الْحَنَفِيَّةِ، وَبِهِ قَال غَيْرُهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ (1) .
الْقَوْل الثَّالِثُ: يُتْرَكُ تَمْكِينُ الْمَحْبُوسِ مِنَ الْعَمَل فِي حَبْسِهِ لِتَقْدِيرِ الْحَاكِمِ وَاجْتِهَادِهِ، وَبِهِ قَال الْمُرْتَضَى (2) .
أَحْكَامُ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَحْبُوسِ:
114 - ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ الْعَدِيدَ مِنْ أَحْكَامِ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَحْبُوسِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالأُْمُورِ الْمَالِيَّةِ وَالْمَدَنِيَّةِ وَالْجِنَائِيَّةِ وَالأَْحْوَال الشَّخْصِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا بَيَانُهَا عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
التَّصَرُّفَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمُتَّصِلَةُ بِالْمَحْبُوسِ:
بَيْعُ الْمَحْبُوسِ مَالَهُ مُكْرَهًا:
115 - لِلْمَحْبُوسِ التَّصَرُّفُ بِمَالِهِ بَيْعًا أَوْ شِرَاءً وَنَحْوَهُ بِحَسَبِ مَا يَرَى؛ لأَِنَّ الْحَبْسَ لاَ يُوجِبُ بُطْلاَنَ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ. فَإِنْ أُكْرِهَ بِالْحَبْسِ عَلَى الْبَيْعِ أَوِ الشِّرَاءِ أَوِ التَّأْجِيرِ فَلَهُ الْفَسْخُ بَعْدَ زَوَال الإِْكْرَاهِ لاِنْعِدَامِ الرِّضَا (3) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ إِكْرَاهٌ.
__________
(1) حاشية ابن عابدين 5 / 278، والفتاوى الهندية 3 / 418، 5 / 63، والبحر الزخار 5 / 82.
(2) البحر الزخار 5 / 82، وترى اللجنة أن الأخذ بهذا الرأي هو الأوفق إذا روعي في ذلك المصلحة العامة والخاصة.
(3) بدائع الصنائع 7 / 174، والمغني 4 / 484 - 486، والاختيار 2 / 105، والهداية 3 / 222، وجواهر الإكليل 1 / 340.
الرُّجُوعُ عَلَى الْمَحْبُوسِ بِالْمَال الْمَدْفُوعِ عَنْهُ لِتَخْلِيصِهِ:
116 - ذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ مَنْ حَبَسَهُ السُّلْطَانُ فَدَفَعَ عَنْهُ قَرِيبُهُ مَا خَلَّصَهُ بِهِ مِنَ الْحَبْسِ ثُمَّ سَكَتَ وَلَمْ يُطَالِبْهُ بِالْمَدْفُوعِ حَتَّى مَاتَ، فَقَامَ وَلَدُهُ يُطَالِبُ بِالْمَدْفُوعِ وَأَنَّهُ سَلَفٌ، وَالْمَحْبُوسُ الْمُفْتَدَى يَدَّعِي أَنَّهُ هِبَةٌ، فَالْحُكْمُ أَنَّ عَلَى مُدَّعِي الْهِبَةِ الْبَيِّنَةَ، وَلاَ حُجَّةَ بِسُكُوتِ الدَّافِعِ عَنْهُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ دَيْنٌ لَزِمَ فِي ذِمَّتِهِ.
وَذَكَرَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّهُ إِذَا أُكْرِهَ قَرِيبٌ أَوْ صَدِيقٌ وَنَحْوُهُ عَلَى أَدَاءِ مَالٍ عَنْ مَحْبُوسٍ فَدَفَعَهُ مِنْ مَالِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَحْبُوسِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ؛ لأَِنَّ الإِْكْرَاهَ وَالدَّفْعَ بِسَبَبِهِ، فَلاَ يَذْهَبُ الْمَال هَدْرًا، وَلأَِنَّ النُّفُوسَ وَالأَْمْوَال يَعْتَرِيهَا مِنَ الضَّرَرِ وَالْفَسَادِ مَا لاَ يَنْدَفِعُ إِلاَّ بِأَدَاءِ مَالٍ عَنْهَا. وَلَوْ عَلِمَ الْمُؤَدِّي أَنَّهُ لاَ يَسْتَرِدُّ مَا دَفَعَهُ مِنَ الْمَحْبُوسِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ لَمْ يَفْعَل، وَإِذَا لَمْ يُقَابِل الْمَحْبُوسُ الإِْحْسَانَ بِمِثْلِهِ فَهُوَ ظَالِمٌ، وَالظُّلْمُ حَرَامٌ، وَالأَْصْل فِي هَذَا اعْتِبَارُ الْمَقَاصِدِ وَالنِّيَّاتِ فِي التَّصَرُّفَاتِ (1) .
رَهْنُ الْمُفْلِسِ الْمَحْبُوسِ مَالَهُ:
117 - الأَْصْل عَدَمُ تَمْكِينِ الْمُفْلِسِ الْمَحْبُوسِ مِنَ التَّصَرُّفِ بِمَالِهِ أَوْ رَهْنِهِ، فَإِنْ وَقَعَ تَصَرُّفُهُ لَمْ يَبْطُل
__________
(1) المعيار 5 / 184، والمظالم المشتركة لابن تيمية ص 46 - 48.
الصفحة 322