كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)
قَال ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الثَّانِي عِنْدَ مَنْكِبِ الأَْوَّل فَحَسَنٌ أَيْضًا، كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُوضَعُ بَعْضُهُمْ خَلْفَ بَعْضٍ لِيُحَاذِيَ الإِْمَامُ الْجَمْعَ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحِذَاءِ رَأْسِ صَاحِبِهِ إِنْ كَانُوا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ نَوْعٍ سَوَّى بَيْنَ رُءُوسِ كُل نَوْعٍ وَيَجْعَل وَسَطَ الْمَرْأَةِ حِذَاءَ صَدْرِ الرَّجُل. (2)
وَتَرْتِيبُهُمْ فِي الْوَضْعِ عِنْدَ اخْتِلاَفِ النَّوْعِ لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ، فَتُوضَعُ الرِّجَال مِمَّا يَلِي الإِْمَامَ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ، ثُمَّ الْخَنَاثَى، ثُمَّ النِّسَاءُ، ثُمَّ الْمُرَاهِقَاتُ. وَلَوْ كَانَ الْكُل رِجَالاً يُوضَعُ أَفْضَلُهُمْ وَأَسَنُّهُمْ مِمَّا يَلِي الإِْمَامَ. (3)
وَهَذَا إِنْ جِيءَ بِهِمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَإِنْ جِيءَ بِهِمْ مُتَعَاقِبِينَ وَكَانُوا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ يُقَدَّمُ الأَْسْبَقُ.
وَقَال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: إِنْ افْتَتَحَ الْمُصَلِّي الصَّلاَةَ عَلَى جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى وُضِعَتْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ
__________
(1) البدائع 1 / 316، وابن عابدين 1 / 615، والهندية 1 / 162.
(2) كشاف القناع 2 / 112، والمجموع 5 / 226، ومغني المحتاج 1 / 348.
(3) الهندية 1 / 162، والمراجع السابقة في المذاهب.
الصَّلاَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا؛ لأَِنَّهُ افْتَتَحَ الصَّلاَةَ يَنْوِي بِهَا غَيْرَ هَذِهِ الْجِنَازَةِ الْمُؤَخَّرَةِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ الْمُؤَخَّرَةِ. (1)
وَإِذَا كَبَّرَ الإِْمَامُ عَلَى جِنَازَةٍ فَجِيءَ بِأُخْرَى مَضَى عَلَى صَلاَتِهِ عَلَى الأُْولَى، فَإِذَا فَرَغَ اسْتَأْنَفَ عَلَى الثَّانِيَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمَّا وَضَعُوا الثَّانِيَةَ كَبَّرَ الأُْخْرَى يَنْوِيهِمَا فَهِيَ لِلأُْولَى أَيْضًا، وَلاَ يَكُونُ لِلثَّانِيَةِ، وَإِنْ كَبَّرَ الثَّانِيَةَ يَنْوِي الثَّانِيَةَ وَحْدَهَا فَهِيَ لِلثَّانِيَةِ وَقَدْ خَرَجَ مِنَ الأُْولَى، فَإِذَا فَرَغَ أَعَادَ الصَّلاَةَ عَلَى الأُْولَى وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ. (2)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَوْ كَبَّرَ فَجِيءَ بِأُخْرَى كَبَّرَ ثَانِيَةً وَنَوَاهُمَا، فَإِنْ جِيءَ بِثَالِثَةٍ كَبَّرَ ثَالِثَةً وَنَوَى الْجَنَائِزَ الثَّلاَثَ، فَإِنْ جِيءَ بِرَابِعَةٍ كَبَّرَ رَابِعَةً وَنَوَى الْكُل، فَيَصِيرُ مُكَبِّرًا عَلَى الأُْولَى أَرْبَعًا وَعَلَى الثَّانِيَةِ ثَلاَثًا، وَعَلَى الثَّالِثَةِ اثْنَتَيْنِ، وَعَلَى الرَّابِعَةِ وَاحِدَةً، فَيَأْتِي بِثَلاَثِ تَكْبِيرَاتٍ أُخَرَ، فَيُتِمُّ التَّكْبِيرَاتِ سَبْعًا، يَقْرَأُ فِي خَامِسَةٍ وَيُصَلِّي (عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِسَادِسَةٍ، وَيَدْعُو بِسَابِعَةٍ، فَيَصِيرُ مُكَبِّرًا عَلَى الأُْولَى سَبْعًا، وَعَلَى الثَّانِيَةِ سِتًّا، وَعَلَى الثَّالِثَةِ خَمْسًا، وَعَلَى الرَّابِعَةِ أَرْبَعًا.
فَإِنْ جِيءَ بِخَامِسَةٍ لَمْ يَنْوِهَا بَل يُصَلِّي عَلَيْهَا
__________
(1) الأم 1 / 244، والشرح الصغير 1 / 228، والمدونة 1 / 164.
(2) الهندية 1 / 162، والبدائع 1 / 314، 316.
الصفحة 33