كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)

12 - وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِيَدِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُصْحَفًا جَامِعًا لِلْقُرْآنِ، أَمْ كَانَ جُزْءًا أَمْ وَرَقًا مَكْتُوبًا فِيهِ بَعْضُ السُّوَرِ، وَكَذَا مَسُّ جِلْدِهِ الْمُتَّصِل بِهِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (1) } وَفِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: أَنْ لاَ يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلاَّ طَاهِرٌ (2) .
13 - وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ كَذَلِكَ حَمْل الْقُرْآنِ إِلاَّ إِذَا كَانَ بِأَمْتِعَةٍ، وَالأَْمْتِعَةُ هِيَ الْمَقْصُودَةُ، أَوْ كَانَ حَمْلُهُ لِضَرُورَةٍ، كَخَوْفٍ عَلَيْهِ مِنْ نَجَاسَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَأَجَازَ الْحَنَابِلَةُ حَمْلَهُ بِعَلاَّقَةٍ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يَجُوزُ حَمْل الْمُصْحَفِ بِعَلاَّقَتِهِ وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْقَاسِمِ وَأَبِي وَائِلٍ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ؛ لأَِنَّهُ غَيْرُ مَاسٍّ لَهُ كَمَا لَوْ حَمَلَهُ فِي رَحْلِهِ.
14 - وَيَحْرُمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَسُّ كُتُبِ التَّفْسِيرِ؛ لأَِنَّهُ يَصِيرُ بِمَسِّهَا مَاسًّا لِلْقُرْآنِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْعِبْرَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِالْقِلَّةِ
__________
(1) سورة الواقعة / 79.
(2) حديث: " لا يمس القرآن إلا طاهر " أخرجه الحاكم (1 / 397 - ط دائرة المعارف العثمانية) ثم أورد له شاهدا من حديث حكيم بن حزام (3 / 485) وصححه ووافقه الذهبي.
وَالْكَثْرَةِ، فَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ كَبَعْضِ كُتُبِ غَرِيبِ الْقُرْآنِ حَرُمَ مَسُّهُ، وَإِنْ كَانَ التَّفْسِيرُ أَكْثَرَ لاَ يَحْرُمُ مَسُّهُ فِي الأَْصَحِّ.
وَأَجَازَ ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ - غَيْرَ ابْنِ عَرَفَةَ - وَالْحَنَابِلَةُ لأَِنَّهُ لاَ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ مُصْحَفٍ.
15 - وَيَحْرُمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَفِي وَجْهٍ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ مَسُّ الدَّرَاهِمِ الَّتِي عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ؛ لأَِنَّ الدَّرَاهِمَ كَالْوَرَقَةِ الَّتِي كُتِبَ فِيهَا قُرْآنٌ، وَكَرِهَ ذَلِكَ عَطَاءٌ وَالْقَاسِمُ وَالشَّعْبِيُّ، وَأَجَازَ ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ مِنْ وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْمُصْحَفِ فَأَشْبَهَتْ كُتُبَ الْفِقْهِ؛ وَلأَِنَّ فِي الاِحْتِرَازِ مِنْ ذَلِكَ مَشَقَّةً، وَالْحَاجَةُ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ، وَالْبَلْوَى تَعُمُّ، فَعُفِيَ عَنْهُ.
16 - وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ أَنْ يَكْتُبَ الْقُرْآنَ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ وَجْهٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لاَ يَكْتُبَ؛ لأَِنَّ كِتَابَةَ الْحُرُوفِ تَجْرِي مَجْرَى الْقِرَاءَةِ (1) .
17 - وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ
__________
(1) البدائع 1 / 33، 37، 38، ومنح الجليل 1 / 70 - 71، 78 - 79، والشرح الصغير 1 / 57، 67 ط الحلبي، ومغني المحتاج 1 / 36 - 37، 72، والمجموع شرح المهذب 2 / 69 - 73، 159 - 162، والمغني 1 / 143 - 144، 147 - 148.

الصفحة 53