كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)

وَالاِحْتِلاَمُ (1) . وَلأَِنَّهُ لاَ صُنْعَ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتِ الْجَنَابَةُ بِالإِْنْزَال عَنْ تَعَمُّدٍ بِمُبَاشَرَةٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، أَوْ قُبْلَةٍ، أَوْ لَمْسٍ بِشَهْوَةٍ، أَوِ اسْتِمْنَاءٍ فَسَدَ الصَّوْمُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَعَامَّةِ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ، وَبِفَسَادِ الصَّوْمِ يَجِبُ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ، وَمُقَابِل الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ مَعَ الْقَضَاءِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَالرَّجُل وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.
أَمَّا الْجَنَابَةُ الَّتِي تَكُونُ بِالإِْنْزَال عَنْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ فَلاَ تُفْسِدُ الصَّوْمَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُِمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَل بِهِ أَوْ تَتَكَلَّمْ (2) .
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَنْزَل فَسَدَ صَوْمُهُ، وَهُوَ قَوْل الإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنِ اعْتَادَ الإِْنْزَال بِالنَّظَرِ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ
__________
(1) حديث: " ثلاث لا يفطرن الصائم الحجامة والقيء والاحتلام " أخرجه الترمذي (3 / 88 - ط الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري، وضعفه ابن حجر في التلخيص (2 / 194 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(2) حديث: " إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم " أخرجه البخاري (الفتح 11 / 549 - ط السلفية) ومسلم (1 / 116 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَوْ فَكَّرَ فَأَنْزَل فَسَدَ صَوْمُهُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ دَاوَمَ الْفِكْرَ أَوِ النَّظَرَ فَأَنْزَل فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ الإِْنْزَال فَأَنْزَل فَسَدَ صَوْمُهُ، وَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا قَوْلاَنِ، وَإِنْ لَمْ يُدِمِ النَّظَرَ أَوِ الْفِكْرَ فَأَنْزَل فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ، إِلاَّ إِذَا كَانَتْ عَادَتُهُ الإِْنْزَال فَقَوْلاَنِ فِي الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا (1) .

أَثَرُ الْجَنَابَةِ فِي الْحَجِّ:
27 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْجَنَابَةَ إِذَا كَانَتْ بِجِمَاعٍ فَإِنْ كَانَتْ قَبْل الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَسَدَ الْحَجُّ وَعَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهِ وَالْقَضَاءُ، وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَشَاةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَيَسْتَوِي فِي هَذَا الرَّجُل وَالْمَرْأَةُ، وَالْعَمْدُ وَالنِّسْيَانُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَفِي الْقَدِيمِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَفِي الْجَدِيدِ لاَ يَفْسُدُ بِالْجِمَاعِ نِسْيَانًا.
وَإِنْ كَانَتِ الْجَنَابَةُ بِالْجِمَاعِ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ يَفْسُدُ الْحَجُّ وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ؛ لِقَوْل
__________
(1) البدائع 2 / 91 - 93 - 94، والزيلعي 1 / 323، والاختيار 1 / 131 - 132، والهداية 1 / 122 - 123، ومنح الجليل 1 / 402 - 403، والشرح الصغير 1 / 249، وجواهر الإكليل 1 / 150، والمهذب 1 / 189 - 190، ومغني المحتاج 1 / 430 - 443 - 448 - 449، وشرح منتهى الإرادات 1 / 451 - 452، والمغني 3 / 111 - 112 - 113 - 114 - 115 - 116 - 124.

الصفحة 57