كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)
وَهَذَا مَا لَمْ يَرْضَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ مِنْ مَفْصِلٍ أَدْنَى مِنْ مَحَل الْجِنَايَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَظْمِ. .
أَنْوَاعُ الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ:
(إِذَا كَانَتْ عَمْدًا) :
12 - الْجِنَايَةُ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِالْقَطْعِ وَالإِْبَانَةِ، أَوْ بِالْجُرْحِ الَّذِي يَشُقُّ، أَوْ بِإِزَالَةِ مَنْفَعَةٍ بِلاَ شَقٍّ وَلاَ إِبَانَةَ.
النَّوْعُ الأَْوَّل - أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ بِالْقَطْعِ وَالإِْبَانَةِ:
13 - يَجِبُ الْقِصَاصُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الأَْعْضَاءِ وَالأَْطْرَافِ إِذَا أَدَّتْ إِلَى قَطْعِ الْعُضْوِ أَوِ الطَّرَفِ بِشُرُوطٍ مُعَيَّنَةٍ، وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل الْكَلاَمِ عَلَى كُلٍّ:
1 - الْجِنَايَةُ عَلَى الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ:
14 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ تُؤْخَذُ الْيَدُ بِالْيَدِ، وَالرِّجْل بِالرِّجْل، وَلاَ يُؤَثِّرُ التَّفَاوُتُ فِي الْحَجْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْوْصَافِ، فَتُؤْخَذُ الْيَدُ الصَّغِيرَةُ بِالْكَبِيرَةِ، وَالْقَوِيَّةُ بِالضَّعِيفَةِ، وَيَدُ الصَّانِعِ بِيَدِ الأَْخْرَقِ. وَلَكِنْ يُؤَثِّرُ الْكَمَال وَالصِّحَّةُ عَلَى الْوَجْهِ التَّالِي:
أ - الْكَمَال:
15 - اخْتَلَفَتْ آرَاءُ الْفُقَهَاءِ فِي قَطْعِ كَامِلَةِ الأَْصَابِعِ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ بِنَاقِصَةِ الأَْصَابِعِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ
تُؤْخَذُ كَامِلَةُ الأَْصَابِعِ بِنَاقِصَةِ الأَْصَابِعِ، لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ وَعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ، فَلَوْ قَطَعَ مَنْ لَهُ خَمْسُ أَصَابِعَ، يَدَ مَنْ لَهُ أَقَل مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزِ الْقِصَاصُ؛ لأَِنَّهَا فَوْقَ حَقِّهِ، وَلاَ ذَاتُ أَظْفَارٍ بِمَا لاَ أَظْفَارَ لَهَا؛ لِزِيَادَتِهَا عَلَى حَقِّهِ، وَلاَ بِنَاقِصَةِ الأَْظْفَارِ، سَوَاءٌ رَضِيَ الْجَانِي بِذَلِكَ أَمْ لاَ؛ لأَِنَّ الدِّمَاءَ لاَ تُسْتَبَاحُ بِالإِْبَاحَةِ. وَإِنْ كَانَتْ أَظْفَارُ الْمَقْطُوعَةِ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ خَضْرَاءَ أَوْ رَدِيئَةٍ أُخِذَتْ بِهَا السَّلِيمَةُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ وَمَرَضٌ، وَالْمَرَضُ لاَ يَمْنَعُ الْقِصَاصَ.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ وَجْهٌ لَدَى الْحَنَابِلَةِ أَنَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ أَصَابِعِ الْجَانِي بِعَدَدِ أَصَابِعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْمَقْطُوعَةِ، أَوْ يَأْخُذَ دِيَتَهَا.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ النُّقْصَانُ فِي طَرَفِ الْجَانِي، فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ أَرْشَ الصَّحِيحِ؛ لأَِنَّ حَقَّهُ فِي الْمِثْل هُوَ السَّلِيمُ، وَلاَ يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ مِنْ كُل وَجْهٍ مَعَ فَوَاتِ السَّلاَمَةِ، وَأَمْكَنَهُ مِنْ وَجْهٍ، وَلاَ سَبِيل إِلَى إِلْزَامِ الاِسْتِيفَاءِ حَتْمًا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إِلْزَامِ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ نَاقِصًا، وَهَذَا لاَ يَجُوزُ فَيُخَيَّرُ: إِنْ شَاءَ رَضِيَ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَاسْتَوْفَاهُ نَاقِصًا، وَإِنْ شَاءَ عَدَل إِلَى بَدَل حَقِّهِ وَهُوَ كَمَال الأَْرْشِ، وَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ، خِلاَفًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي وَجْهٍ.
وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ النُّقْصَانِ إِذَا كَانَ أُصْبُعًا،
الصفحة 69