كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)
الدَّمِ. وَإِنْ كَانَ الشَّلَل فِي يَدِ الْمَقْطُوعِ أَكْثَرَ لَمْ يُقْطَعْ بِهَا (1) .
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ قِصَاصَ بَيْنَ الأَْشَلَّيْنِ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ أَقَل شَلَلاً أَمْ أَكْثَرَهُمَا، أَمْ هُمَا سَوَاءٌ؛ لأَِنَّ بَعْضَ الشَّلَل فِي يَدَيْهِمَا يُوجِبُ اخْتِلاَفَ أَرْشَيْهِمَا، وَذَلِكَ يُعْرَفُ بِالْحَزْرِ وَالظَّنِّ، فَلاَ تُعْرَفُ الْمُمَاثَلَةُ.
وَقَال زُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنْ كَانَا سَوَاءً فَفِيهِمَا الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَتْ يَدُ الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ أَقَل شَلَلاً كَانَ بِالْخِيَارِ، وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ أَرْشَ يَدِهِ شَلاَّءَ، وَإِنْ كَانَتْ يَدُ الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ أَكْثَرَ شَلَلاً، فَلاَ قِصَاصَ وَلَهُ أَرْشُ يَدِهِ (2) .
2 - الْجِنَايَةُ عَلَى الْعَيْنِ:
17 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى الْعَيْنِ بِالْقَلْعِ مُوجِبَةٌ لِلْقِصَاصِ؛ لِلآْيَةِ الْكَرِيمَةِ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ. . .} ؛ وَلأَِنَّهَا تَنْتَهِي إِلَى مَفْصِلٍ فَجَرَى الْقِصَاصُ فِيهَا كَالْيَدِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَسْرُوقٌ، الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، كَمَا
__________
(1) البدائع 7 / 298، وشرح الزرقاني 8 / 16، وروضة الطالبين 9 / 193، والمغني 7 / 735، وكشاف القناع 5 / 557.
(2) البدائع 7 / 303.
رُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَتُؤْخَذُ عَيْنُ الشَّابِّ بِعَيْنِ الشَّيْخِ، وَعَيْنُ الصَّغِيرِ، بِعَيْنِ الْكَبِيرِ؛ لأَِنَّ التَّفَاوُتَ فِي الصِّفَةِ لاَ يَمْنَعُ الْقِصَاصَ، لَكِنْ إِنْ كَانَ الْجَانِي قَدْ قَلَعَ عَيْنَهُ بِأُصْبُعِهِ لاَ يَجُوزُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصَّ بِإِصْبَعِهِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِ (1) .
وَأَمَّا أَخْذُ الْعَيْنِ السَّلِيمَةِ بِالْمَرِيضَةِ، فَقَدْ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ تُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالضَّعِيفَةِ الإِْبْصَارِ (2) .
وَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - فِي الأَْرْجَحِ - إِلَى أَنَّهُ لَوْ فَقَأَ شَخْصٌ عَيْنًا حَوْلاَءَ، وَكَانَ الْحَوَل لاَ يَضُرُّ بِبَصَرِهِ يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَإِلاَّ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لاَ قِصَاصَ فِي الْعَيْنِ الْحَوْلاَءِ مُطْلَقًا. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَوْ جَنَى عَلَى عَيْنٍ فِيهَا بَيَاضٌ يُبْصِرُ بِهَا، وَعَيْنُ الْجَانِي كَذَلِكَ فَلاَ قِصَاصَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ، وَفِي عَيْنِ الْفَاقِئِ بَيَاضٌ يُنْقِصُهَا، فَلِلرَّجُل أَنْ يَفْقَأَ الْبَيْضَاءَ، أَوْ أَنْ يَأْخُذَ أَرْشَ عَيْنِهِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ تُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالْحَدَقَةِ الْعَمْيَاءِ (3) .
__________
(1) الاختيار 5 / 31، وابن عابدين 5 / 354، والبدائع 7 / 296، 297، 307، 308، وشرح الزرقاني 8 / 5، وروضة الطالبين 9 / 197، والمغني 7 / 715، وما بعدها، وكشاف القناع 5 / 549.
(2) الزرقاني 8 / 19، وكشاف القناع 5 / 549، والمغني 7 / 715.
(3) ابن عابدين 5 / 354، وشرح الزرقاني 8 / 5، وروضة الطالبين 9 / 197، وكشاف القناع 5 / 549، والمغني 7 / 715.
الصفحة 71