كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)
وَالنَّجَاسَاتِ، كَالْحَمَّامَاتِ، وَالْحُشُوشِ، وَالْمَزَابِل، وَالْقَمَّامِينَ. فَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْخَلاَءَ فَلْيَقُل اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ. وَالْمَحْضَرَةُ مَكَانُ حُضُورِ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ. (1) وَقَدْ جَاءَتِ الآْثَارُ بِالنَّهْيِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي هَذِهِ الأَْمَاكِنِ.
8 - وَمِنْ أَزْوَادِ الْجِنِّ الْعِظَامُ. فَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْجِنَّ سَأَلُوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّادَ فَقَال: كُل عَظْمٍ يُذْكَرُ اسْمُ اللَّهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا كَانَ لَحْمًا، وَكُل بَعْرَةٍ أَوْ رَوْثَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ (2) . وَقَدْ نَهَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْتَنْجَى بِالْعَظْمِ وَالرَّوْثِ وَقَال: إِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ (3) .
__________
(1) حديث: " إن هذه الحشوش محتضرة. . . " أخرجه أبو داود (1 / 17 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 187 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(2) حديث: " فعن عبد الله بن مسعود أنه قال: ليلة الجن أي ليلة التقاء الرسول صلى الله عليه وسلم الجن أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزاد فقال: " كل عظم يذكر اسم الله يقع في أيديكم أوفر ما كان لحما، وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم " أخرجه الترمذي (
(3) حديث: " نهى أن يستنجى بالعظم والروث " أخرجه مسلم (1 / 224 - الحلبي) من حديث سلمان الفارسي. وانظر آكام المرجان 23 وما بعدها، 28 وما بعدها، حاشية الجمل 1 / 97، الفتاوى الحديثية 48، 50، وحاشية الطحطاوي ص 28.
تَكْلِيفُ الْجِنِّ وَدُخُولُهُمْ فِي عُمُومِ بِعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
9 - اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْجِنَّ مُكَلَّفُونَ مُخَاطَبُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِْنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (1) وقَوْله تَعَالَى: {قُل أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} (2) وقَوْله تَعَالَى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِْنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ. . .} إِلَى قَوْله تَعَالَى {فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (3) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآْيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى تَكْلِيفِهِمْ وَأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ مَنْهِيُّونَ. وَلِمَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذَمِّ الشَّيَاطِينِ وَلَعْنِهِمْ، وَالتَّحَرُّزِ مِنْ غَوَائِلِهِمْ وَشَرِّهِمْ، وَذِكْرِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ، وَهَذِهِ لاَ تَكُونُ إِلاَّ لِمَنْ خَالَفَ الأَْمْرَ وَالنَّهْيَ، وَارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ، وَهَتَكَ الْمَحَارِمَ، مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَنْ لاَ يَفْعَل ذَلِكَ، وَقُدْرَتِهِ عَلَى فِعْل خِلاَفِهِ.
قَال الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ: لاَ نَعْلَمُ خِلاَفًا بَيْنَ أَهْل النَّظَرِ فِي أَنَّ الْجِنَّ مُكَلَّفُونَ. وَحُكِيَ عَنِ الْحَشَوِيَّةِ أَنَّهُمْ مُضْطَرُّونَ إِلَى أَفْعَالِهِمْ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُكَلَّفِينَ.
10 - وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى دُخُول الْجِنِّ فِي عُمُومِ
__________
(1) سورة الذاريات / 56.
(2) سورة الجن / 1 - 2.
(3) سورة الرحمن / 33 - 34.
الصفحة 92