كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 17)
وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ حَرُمَتْ إِنْ لَزِمَ قَلْعُ الشَّعْرِ. وَكُرِهَتْ إِنْ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ ذَلِكَ، لأَِنَّ الْحِجَامَةَ قَدْ تُضْعِفُهُ قَال مَالِكٌ: لاَ يَحْتَجِمُ الْمُحْرِمُ إِلاَّ مِنْ ضَرُورَةٍ. عَلَّقَ عَلَيْهِ الزَّرْقَانِيُّ أَيْ يُكْرَهُ لأَِنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى ضَعْفِهِ كَمَا كُرِهَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِلْحَاجِّ مَعَ أَنَّ الصَّوْمَ أَخَفُّ مِنَ الْحِجَامَةِ (1) .
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَوْقَ رَأْسِهِ (2) ، وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَسَطَ رَأْسِهِ (3) ، وَفِي رِوَايَةٍ عَلَّقَهَا الْبُخَارِيُّ احْتَجَمَ مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ بِهِ (4) وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ وَثْءٍ (وَهُوَ رَضُّ الْعَظْمِ بِلاَ كَسْرٍ) وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِلَحْيِ جَمَلٍ (5) وَلأَِبِي دَاوُدَ وَالْحَاكِمِ وَالنَّسَائِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ (6) وَلَفْظُ الْحَاكِمِ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمَيْنِ:
__________
(1) الزرقاني 2 / 87.
(2) حديث: " احتجم وهو محرم فوق رأسه " أخرجه مالك في الموطأ (1 / 349 - ط الحلبي) من حديث سليمان بن يسار مرسلا.
(3) حديث: " احتجم وهو محرم وسط رأسه " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 152 - ط السلفية) ومسلم (2 / 863 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن بحينة.
(4) حديث: " احتجم من شقيقة كانت به " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 153 - ط السلفية) من حديث ابن عباس.
(5) قيل هو مكان بطريق مكة.
(6) حديث: " احتجم على ظهر القدم من وجع كان به " أخرجه النسائي (5 / 194 - ط المكتبة التجارية) من حديث أنس بن مالك.
يَقُول الزَّرْقَانِيُّ: وَهَذَا يَدُل عَلَى تَعَدُّدِهَا مِنْهُ فِي الإِْحْرَامِ. وَعَلَى الْحِجَامَةِ فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ لِلْعُذْرِ. وَهُوَ إِجْمَاعٌ، وَلَوْ أَدَّتْ إِلَى قَلْعِ الشَّعْرِ. لَكِنْ يَفْتَدِي إِذَا قَلَعَ الشَّعْرَ (1) .
وَأَمَّا الْفَصْدُ فَيَقُول الزَّرْقَانِيُّ: وَجَازَ فَصْدٌ لِحَاجَةٍ وَإِلاَّ كُرِهَ إِنْ لَمْ يَعْصِبْهُ، فَإِنْ عَصَبَهُ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ افْتَدَى (2) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَال النَّوَوِيُّ: إِذَا أَرَادَ الْمُحْرِمُ الْحِجَامَةَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنْ تَضَمَّنَتْ قَطْعَ شَعْرٍ فَهِيَ حَرَامٌ لِقَطْعِ الشَّعْرِ وَإِنْ لَمْ تَتَضَمَّنْهُ جَازَتْ. وَاسْتَدَل بِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ بُحَيْنَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِلَحْيِ جَمَلٍ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ (3) .
وَاسْتُدِل بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ الْفَصْدِ، وَبَطِّ الْجُرْحِ، وَقَطْعِ الْعِرْقِ، وَقَلْعِ الضِّرْسِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّدَاوِي إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ارْتِكَابُ مَا نُهِيَ عَنْهُ الْمُحْرِمُ مِنْ تَنَاوُل الطِّيبِ، وَقَطْعِ الشَّعْرِ، وَلاَ فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (4) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ الاِحْتِجَامِ لِلْمُحْرِمِ
__________
(1) الزرقاني على الموطأ 2 / 87.
(2) البيان 2 / 294، 297
(3) حديث: " عن ابن بحينة قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم بلحي جمل في وسط رأسه " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 152 - ط السلفية) .
(4) مغني المحتاج 1 / 431، والروضة 2 / 357.
الصفحة 17