كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 17)

إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَلَمْ يَحُجَّ فَلاَ عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا (1) .
ب - الْمَعْقُول: وَذَلِكَ أَنَّ الاِحْتِيَاطَ فِي أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَاجِبٌ، وَلَوْ أَخَّرَ الْحَجَّ عَنِ السَّنَةِ الأُْولَى فَقَدْ يَمْتَدُّ بِهِ الْعُمُرُ وَقَدْ يَمُوتُ فَيَفُوتُ الْفَرْضُ، وَتَفْوِيتُ الْفَرْضِ حَرَامٌ، فَيَجِبُ الْحَجُّ عَلَى الْفَوْرِ احْتِيَاطًا.
وَاسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ وَمَنْ مَعَهُمْ بِمَا يَلِي:
أ - أَنَّ الأَْمْرَ بِالْحَجِّ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (2) مُطْلَقٌ عَنْ تَعْيِينِ الْوَقْتِ، فَيَصِحُّ أَدَاؤُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ، فَلاَ يَثْبُتُ الإِْلْزَامُ بِالْفَوْرِ، لأَِنَّ هَذَا تَقْيِيدٌ لِلنَّصِّ، وَلاَ يَجُوزُ تَقْيِيدُهُ إِلاَّ بِدَلِيلٍ، وَلاَ دَلِيل عَلَى ذَلِكَ. وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى الْخِلاَفِ أَنَّ الأَْمْرَ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ لِلتَّرَاخِي (انْظُرْ مُصْطَلَحَ: أَمْرٌ) .
ب - (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَحَ مَكَّةَ عَامَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَلَمْ يَحُجَّ إِلاَّ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِيَّةِ لَمْ يَتَخَلَّفْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فَرْضٍ عَلَيْهِ) (3) .
__________
(1) (1) حديث: " من ملك زادا أو راحلة تبلغه إلى بيت الله. . . " أخرجه الترمذي (3 / 167 - ط الحلبي) من حديث علي بن أبي طالب، وقال الترمذي: " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفي إسناده مقال، وهلال بن عبد الله مجهول، والحارث يضعف في الحديث ".
(2) سورة آل عمران 97.
(3) الأم 2 / 118، وانظر حاشية القليوبي على شرح المنهاج 2 / 84، وبدائع الصنائع للكاساني 2 / 119.
فَضْل الْحَجِّ:
6 - تَضَافَرَتِ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ الْكَثِيرَةُ عَلَى الإِْشَادَةِ بِفَضْل الْحَجِّ، وَعَظَمَةِ ثَوَابِهِ وَجَزِيل أَجْرِهِ الْعَظِيمِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُل ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُل فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَْنْعَامِ. . .} (1) .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ (2) .
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرُ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ. . . (3) وَمَعْنَى يَدْنُو: يَتَجَلَّى عَلَيْهِمْ بِرَحْمَتِهِ وَإِكْرَامِهِ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ
__________
(1) سورة الحج / 27 - 28.
(2) حديث: " من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 382 - ط السلفية) . ومسلم (2 / 983، 984 - ط الحلبي) .
(3) حديث: " ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه. . . " أخرجه مسلم (3 / 983 - ط الحلبي) .

الصفحة 25