كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 17)

بِمُكَلَّفٍ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا لَهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَال: نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ (1) .
فَلَوْ حَجَّ الصَّبِيُّ صَحَّ حَجُّهُ وَكَانَ تَطَوُّعًا، فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ وَجَبَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْفَرِيضَةِ، بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ، لأَِنَّهُ أَدَّى مَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ، فَلاَ يَكْفِيهِ عَنِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا حَجَّ الصَّبِيُّ فَهِيَ لَهُ حَجَّةٌ حَتَّى يَعْقِل، وَإِذَا عَقَل فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى، وَإِذَا حَجَّ الأَْعْرَابِيُّ فَهِيَ لَهُ حَجَّةٌ، فَإِذَا هَاجَرَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى (2) .

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: الْحُرِّيَّةُ:
12 - الْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ، لأَِنَّهُ مُسْتَغْرَقٌ فِي خِدْمَةِ سَيِّدِهِ، وَلأَِنَّ الاِسْتِطَاعَةَ شَرْطٌ وَلاَ تَتَحَقَّقُ إِلاَّ بِمِلْكِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَالْعَبْدُ لاَ يَتَمَلَّكُ شَيْئًا، فَلَوْ حَجَّ الْمَمْلُوكُ وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ حَجُّهُ وَكَانَ تَطَوُّعًا لاَ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ، وَيَأْثَمُ إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ بِذَلِكَ. وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ حَجَّةَ الإِْسْلاَمِ عِنْدَمَا يُعْتَقُ، لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ.
__________
(1) حديث ابن عباس: " رفعت امرأة صبيا. . . ". أخرجه مسلم (2 / 974 - ط الحلبي) .
(2) حديث: " إذا حج الصبي فهي له حجة. . . " أخرجه الحاكم في المستدرك (1 / 481 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
الشَّرْطُ الْخَامِسُ: الاِسْتِطَاعَةُ:
13 - لاَ يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى مَنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهِ خِصَال الاِسْتِطَاعَةِ لأَِنَّ الْقُرْآنَ خَصَّ الْخِطَابَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} (1) .

وَخِصَال الاِسْتِطَاعَةِ الَّتِي تُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ قِسْمَانِ: شُرُوطٌ عَامَّةٌ لِلرِّجَال وَالنِّسَاءِ، وَشُرُوطٌ تَخُصُّ النِّسَاءَ.

الْقِسْمُ الأَْوَّل: شُرُوطٌ عَامَّةٌ لِلرِّجَال وَالنِّسَاءِ:
شُرُوطُ الاِسْتِطَاعَةِ الْعَامَّةِ أَرْبَعُ خِصَالٍ:
الْقُدْرَةُ عَلَى الزَّادِ وَآلَةِ الرُّكُوبِ، وَصِحَّةُ الْبَدَنِ، وَأَمْنُ الطَّرِيقِ، وَإِمْكَانُ السَّيْرِ.

الْخَصْلَةُ الأُْولَى:
14 - تُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ الْقُدْرَةُ عَلَى الزَّادِ وَآلَةِ الرُّكُوبِ، وَالنَّفَقَةِ ذَهَابًا وَإِيَابًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَمِنْهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَيَخْتَصُّ اشْتِرَاطُ الْقُدْرَةِ عَلَى آلَةِ الرُّكُوبِ بِمَنْ كَانَ بَعِيدًا عَنْ مَكَّةَ.
قَال فِي " الْهِدَايَةِ ": وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْوُجُوبِ عَلَى أَهْل مَكَّةَ وَمَنْ حَوْلَهَا الرَّاحِلَةُ لأَِنَّهُ لاَ تَلْحَقُهُمْ مَشَقَّةٌ زَائِدَةٌ فِي الأَْدَاءِ، فَأَشْبَهَ السَّعْيَ إِلَى الْجُمُعَةِ " (2) .
__________
(1) سورة آل عمران / 97.
(2) الهداية مع فتح القدير 2 / 127.

الصفحة 28