كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 17)
مِنْ قِتَالِهِمْ رَدُّهُمْ إِِلَى الطَّاعَةِ لاَ إِهْلاَكُهُمْ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلاَمِ الْحَنَابِلَةِ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ قِتَالُهُمْ بِمَا يَجُوزُ قِتَال الْكُفَّارِ بِهِ، فَيَمْنَعُ عَنْهُمُ الْمِيرَةَ وَالْمَاءَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ صِبْيَانٌ وَنِسَاءٌ (2) . وَالتَّفْصِيل فِي (بُغَاةٌ) .
فَكُّ حِصَارِ الْعَدُوِّ بِالْمَال:
4 - إِذَا حَاصَرَ الْعَدُوُّ الْمُسْلِمِينَ وَطَلَبُوا مَالاً لِفَكِّ الْحِصَارِ عَنْهُمْ لَمْ يُجِبْهُمُ الإِِْمَامُ، لِمَا فِيهِ مِنْ إِعْطَاءِ الدَّنِيَّةِ، وَإِِلْحَاقِ الْمَذَلَّةِ بِأَهْل الإِِْسْلاَمِ، إِلاَّ إِذَا خَافَ هَلاَكَ الْمُسْلِمِينَ فَيَجُوزُ (3) . لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَل إِِلَى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ عَوْفٍ وَهُمَا قَائِدَا غَطَفَانَ لَمَّا اشْتَدَّ الْبَلاَءُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي وَقْعَةِ الْخَنْدَقِ، وَطَلَبَ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَا بِمَنْ مَعَهُمَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُمَا كُل سَنَةٍ ثُلُثَ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ، فَاسْتَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فَقَالاَ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنْ كَانَ وَحْيًا فَامْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ، وَإِِنْ كَانَ رَأْيًا رَأَيْتَهُ، لاَ نُعْطِيهِمْ إِلاَّ السَّيْفَ. فَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْتُمْ وَذَاكَ. فَقَدْ مَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِِلَى الصُّلْحِ بِالْمَال فِي الاِبْتِدَاءِ لَمَّا أَحَسَّ
__________
(1) الجمل على شرح المنهج 5 / 118، وروض الطالب 4 / 115.
(2) شرح الزرقاني 8 / 61، وابن عابدين 3 / 311.
(3) فتح القدير 4 / 296.
الضَّعْفَ بِالْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا رَأَى قُوَّةَ الْمُسْلِمِينَ بِمَا قَال السَّعْدَانُ امْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ، وَدَفْعُ الْهَلاَكِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَاجِبٌ بِأَيِّ طَرِيقٍ مُمْكِنٍ (1) .
__________
(1) قصة إرسال النبي صلى الله عليه وسلم إلى عيينة بن حصن، والحارث بن عوف. أخرجها ابن إسحاق في سيرته كما في السيرة النبوية لابن كثير (3 / 201 - 202 نشر دار إحياء التراث العربي) .
الصفحة 296