كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 17)
ج - إِنْ مَلَكَ الزَّادَ وَوَسِيلَةَ النَّقْل يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فَاضِلاً عَمَّا تَمَسُّ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ الأَْصْلِيَّةُ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ، عِنْدَ الْجُمْهُورِ (1) .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَاعْتَبَرُوا مَا يُوَصِّلُهُ فَقَطْ، إِلاَّ أَنْ يَخْشَى الضَّيَاعَ، وَهُوَ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَهُمْ (2) .
وَفِي هَذَا تَفْصِيلٌ نُوَضِّحُهُ فِي الأُْمُورِ الَّتِي تَشْمَلُهَا الْحَاجَةُ الأَْصْلِيَّةُ.
خِصَال الْحَاجَةِ الأَْصْلِيَّةِ:
17 - خِصَال الْحَاجَةِ الأَْصْلِيَّةِ ثَلاَثٌ:
أ - نَفَقَةُ عِيَالِهِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ كَمَا نُوَضِّحُ فِي الْخَصْلَةِ التَّالِيَةِ) ، لأَِنَّ النَّفَقَةَ حَقٌّ لِلآْدَمِيِّينَ، وَحَقُّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الشَّرْعِ. لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ (3) .
__________
(1) فتح القدير 2 / 126، والمسلك المتقسط ص 29، والمجموع 7 / 53 - 57، ونهاية المحتاج 2 / 378، ومغني المحتاج 1 / 464 - 465، والمغني 3 / 222، والفروع 3 / 230.
(2) شرح الرسالة وحاشية العدوي 1 / 456، والشرح الكبير 2 / 7، ومواهب الجليل 2 / 500 - 502.
(3) حديث: " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " أخرجه أبو داود (2 / 321 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 415 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
ب - مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنْ مَسْكَنٍ، وَمِمَّا لاَ بُدَّ لِمِثْلِهِ كَالْخَادِمِ وَأَثَاثِ الْبَيْتِ وَثِيَابِهِ بِقَدْرِ الاِعْتِدَال الْمُنَاسِبِ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ فِي هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ:
يَبِيعُ فِي زَادِهِ دَارَهُ الَّتِي تُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ وَغَيْرَهَا مِمَّا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ مِنْ مَاشِيَةٍ وَثِيَابٍ وَلَوْ لِجُمُعَتِهِ إِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهَا، وَخَادِمَهُ، وَكُتُبَ الْعِلْمِ وَلَوْ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا.
وَإِنْ كَانَ يَتْرُكُ وَلَدَهُ وَزَوْجَتَهُ لاَ مَال لَهُمْ، فَلاَ يُرَاعِي مَا يَؤُول إِلَيْهِ أَمْرُهُ وَأَمْرُ أَهْلِهِ وَأَوْلاَدِهِ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَإِنْ كَانَ يَصِيرُ فَقِيرًا لاَ يَمْلِكُ شَيْئًا، أَوْ يَتْرُكُ أَوْلاَدَهُ وَنَحْوَهُمْ لِلصَّدَقَةِ، إِنْ لَمْ يَخْشَ هَلاَكًا فِيمَا ذُكِرَ أَوْ شَدِيدَ أَذًى " (1) .
وَهَذَا لأَِنَّ الْحَجَّ عِنْدَهُمْ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا قَدَّمْنَا.
ج - قَضَاءُ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ، لأَِنَّ الدَّيْنَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَهُوَ مِنْ حَوَائِجِهِ الأَْصْلِيَّةِ، فَهُوَ آكَدُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ لآِدَمِيٍّ أَوْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ كَفَّارَاتٍ وَنَحْوِهَا (2) .
__________
(1) شرح الرسالة وحاشية العدوي 1 / 456، وانظر المراجع المالكية الأخرى.
(2) انظر هذه المسائل في الهداية وشرحها فتح القدير 2 / 127، والبدائع 2 / 78 والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 7 وفيه: " لا يجب الحج استطاعة بدين ولو من ولده إذا لم يرج الوفاء بأن لا يكون عنده ما يقضيه به ولا جهة له يوفي منها، وإلا وجب عليه الحج به "، وحاشية الدسوقي ص 10 وفيها التصريح بتقدم الصدقة الواجبة على الحج ولو كان واجبا. انظر شرح المنهاج 2 / 87، وشرح الغزي 1 / 527، والفروع 3 / 230، والمغني 3 / 222.
الصفحة 31