كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 17)

مَعَ الْمُقِيمِ لَوْ كَانَ الطَّرِيقُ أَوِ الْمَكَانُ الْمُنْتَقَل إِلَيْهِ غَيْرَ آمِنٍ فِي سَفَرِ النُّقْلَةِ وَالاِنْقِطَاعِ.
وَإِِنِ اخْتَلَفَ الأَْبُ وَالأُْمُّ فَقَال الأَْبُ: سَفَرِي لِلإِِْقَامَةِ، وَقَالَتِ الأُْمُّ سَفَرُكَ لِلْحَاجَةِ، فَالْقَوْل قَوْل الأَْبِ مَعَ يَمِينِهِ.
وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُقِيمُ الأُْمَّ وَكَانَ فِي مُقَامِهِ مَعَهَا مَفْسَدَةٌ أَوْ ضَيَاعُ مَصْلَحَةٍ، كَعَدَمِ تَعْلِيمِ الصَّبِيِّ الْقُرْآنَ، أَوْ حِرْفَةٍ حَيْثُ لاَ يَقُومُ مَقَامَ الأَْبِ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ، فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَال الزَّرْكَشِيُّ تَمْكِينُ الأَْبِ مِنَ السَّفَرِ بِهِ، لاَ سِيَّمَا إِنِ اخْتَارَهُ الْوَلَدُ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ كَانَ سَفَرُ أَحَدِهِمَا - الْحَاضِنَةِ أَوِ الْوَلِيِّ - لِتِجَارَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ فَلاَ تَسْقُطُ حَضَانَةُ الأُْمِّ، وَتَأْخُذُهُ مَعَهَا إِنْ سَافَرَتْ، وَيَبْقَى مَعَهَا إِنْ سَافَرَ الأَْبُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ مَسَافَةُ السَّفَرِ سِتَّةَ بُرُدٍ أَمْ أَقُل أَمْ أَكْثَرَ عَلَى مَا قَالَهُ الأَُجْهُورِيُّ وَعَبْدُ الْبَاقِي، وَقَال إِبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ وَالْخَرَشِيُّ وَالْعَدَوِيُّ: لاَ تَأْخُذُ الْوَلَدَ مَعَهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ السَّفَرُ قَرِيبًا كَبَرِيدٍ، فَإِِنْ بَعُدَ فَلاَ تَأْخُذُهُ، وَإِِنْ كَانَتْ حَضَانَتُهَا بَاقِيَةً (1) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ ذَهَبُوا إِِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلأُْمِّ الْحَاضِنَةِ الَّتِي فِي زَوْجِيَّةِ الأَْبِ أَوْ فِي عِدَّتِهِ الْخُرُوجُ إِِلَى بَلَدٍ آخَرَ، وَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ. أَمَّا إِنْ
__________
(1) الدسوقي 2 / 531 - 532، ومغني المحتاج 3 / 458 - 459 وكشاف القناع 5 / 500 والمغني 7 / 618 - 619 والإنصاف 9 / 427.
كَانَتْ مُنْقَضِيَةَ الْعِدَّةِ فَإِِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ بِالْمَحْضُونِ إِِلَى بَلَدٍ آخَرَ فِي الأَْحْوَال الآْتِيَةِ:
1 - إِذَا خَرَجَتْ إِِلَى بَلْدَةٍ قَرِيبَةٍ بِحَيْثُ يُمْكِنُ لأَِبِيهِ رُؤْيَتُهُ وَالْعَوْدَةُ فِي نَهَارِهِ عَلَى أَلاَّ يَكُونَ الْمَكَانُ الَّذِي انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ أَقَل حَالاً مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي تُقِيمُ فِيهِ حَتَّى لاَ تَتَأَثَّرَ أَخْلاَقُ الصَّبِيِّ.
2 - إِذَا خَرَجَتْ إِِلَى مَكَان بَعِيدٍ مَعَ تَحَقُّقِ الشُّرُوطِ الآْتِيَةِ:
أ - أَنْ يَكُونَ الْبَلَدُ الَّذِي انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ وَطَنَهَا.
ب - أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ قَدْ عَقَدَ نِكَاحَهُ عَلَيْهَا فِي هَذَا الْبَلَدِ.
ج - أَلاَّ يَكُونَ الْمَكَانُ الَّذِي انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ دَارَ حَرْبٍ إِذَا كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا.
فَإِِذَا تَحَقَّقَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ جَازَ لَهَا السَّفَرُ بِالْمَحْضُونِ إِِلَى هَذَا الْمَكَانِ الْبَعِيدِ، لأَِنَّ الْمَانِعَ مِنَ السَّفَرِ أَصْلاً هُوَ ضَرَرُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الأَْبِ وَبَيْنَ وَلَدِهِ، وَقَدْ رَضِيَ بِهِ لِوُجُودِ دَلِيل الرِّضَا وَهُوَ التَّزَوُّجُ بِهَا فِي بَلَدِهَا لأَِنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي بَلَدِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقِيمُ فِيهِ، وَالْوَلَدُ مِنْ ثَمَرَاتِ النِّكَاحِ فَكَانَ رَاضِيًا بِحَضَانَةِ الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ، فَكَانَ رَاضِيًا بِالتَّفْرِيقِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِل بِوَلَدِهَا إِِلَى بَلَدِهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَقْدُ النِّكَاحِ قَدْ وَقَعَ فِيهِ، وَلاَ أَنْ تَنْتَقِل إِِلَى الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ عَقْدُ النِّكَاحِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَلَدَهَا، لأَِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ دَلِيل الرِّضَا مِنَ الزَّوْجِ، فَلاَ بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الشَّرْطَيْنِ

الصفحة 310