كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 17)

وَإِِنْ بَلَغَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ فَفِيهَا التَّفْصِيل الَّذِي قِيل فِي الْغُلاَمِ.
أَمَّا الْمَجْنُونُ وَالْمَعْتُوهُ فَلاَ يُخَيَّرُ وَتَظَل الْحَضَانَةُ عَلَيْهِ لأُِمِّهِ إِِلَى الإِِْفَاقَةِ (1) .
وَالْحُكْمُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي الْغُلاَمِ أَنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ حَاضِنَتِهِ حَتَّى يَبْلُغَ سِنَّ السَّابِعَةِ فَإِِنِ اتَّفَقَ أَبَوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا جَازَ، لأَِنَّ الْحَقَّ فِي حَضَانَتِهِ إِِلَيْهِمَا، وَإِِنْ تَنَازَعَا خَيَّرَهُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا فَكَانَ مَعَ مَنِ اخْتَارَ مِنْهُمَا، قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَوَاهُ سَعِيدٌ وَعَلِيٌّ، وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي وَقَدْ سَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ وَقَدْ نَفَعَنِي، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا أَبُوكَ وَهَذِهِ أُمُّكَ فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ فَانْطَلَقَتْ بِهِ (2) .
وَلأَِنَّهُ إِِذَا مَال إِِلَى أَحَدِ أَبَوَيْهِ دَل عَلَى أَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ وَأَشْفَقُ، وَقَيَّدَ بِالسَّبْعِ لأَِنَّهَا أَوَّل حَال أَمْرِ الشَّرْعِ فِيهَا بِمُخَاطَبَتِهِ بِالصَّلاَةِ، بِخِلاَفِ الأُْمِّ فَإِِنَّهَا قُدِّمَتْ فِي حَال الصِّغَرِ لِحَاجَتِهِ وَمُبَاشَرَةِ
__________
(1) مغني المحتاج 3 / 356 - 457 - 458 - 459 - 460 ونهاية المحتاج 7 / 220 - 222 وأسنى المطالب 3 / 449 - 451.
(2) حديث ": هذا أبوك وهذه أمك. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 708 - 709 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، والحاكم (4 / 97 - ط دائرة المعارف العثمانية، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي) .
خِدْمَتِهِ لأَِنَّهَا أَعْرَفُ بِذَلِكَ، قَال ابْنُ عَقِيلٍ: التَّخْيِيرُ إِِنَّمَا يَكُونُ مَعَ السَّلاَمَةِ مِنْ فَسَادٍ، فَإِِنْ عُلِمَ أَنَّهُ يَخْتَارُ أَحَدَهُمَا لِيُمَكِّنَهُ مِنْ فَسَادٍ وَيَكْرَهُ الآْخَرَ لِلتَّأْدِيبِ لَمْ يُعْمَل بِمُقْتَضَى شَهْوَتِهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ إِِضَاعَةٌ لَهُ. وَيَكُونُ الْغُلاَمُ عِنْدَ مَنْ يَخْتَارُ فَإِِنْ عَادَ فَاخْتَارَ الآْخَرَ نُقِل إِِلَيْهِ، وَإِِنْ عَادَ فَاخْتَارَ الأَْوَّل رُدَّ إِِلَيْهِ هَكَذَا أَبَدًا، لأَِنَّ هَذَا اخْتِيَارُ تَشَهٍّ، وَقَدْ يَشْتَهِي أَحَدَهُمَا فِي وَقْتٍ دُونَ آخَرَ فَاتُّبِعَ بِمَا يَشْتَهِيهِ، فَإِِنْ لَمْ يَخْتَرْ أَحَدَهُمَا أَوِ اخْتَارَهُمَا مَعًا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، لأَِنَّهُ لاَ مَزِيَّةَ لأَِحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ، ثُمَّ إِِنِ اخْتَارَ غَيْرَ مَنْ قُدِّمَ بِالْقُرْعَةِ رُدَّ إِِلَيْهِ، وَلاَ يُخَيَّرُ إِِذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْحَضَانَةِ، لأَِنَّ مَنْ لَيْسَ أَهْلاً لِلْحَضَانَةِ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ. وَإِِلاَّ اخْتَارَ أَبَاهُ ثُمَّ زَال عَقْلُهُ رُدَّ إِِلَى الأُْمِّ لِحَاجَتِهِ إِِلَى مَنْ يَتَعَهَّدُهُ كَالصَّغِيرِ وَبَطَل اخْتِيَارُهُ، لأَِنَّهُ لاَ حُكْمَ لِكَلاَمِهِ.
أَمَّا الأُْنْثَى فَإِِنَّهَا إِِذَا بَلَغَتْ سَبْعَ سِنِينَ فَلاَ تُخَيَّرُ وَإِِنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ الأَْبِ وُجُوبًا إِِلَى الْبُلُوغِ، وَبَعْدَ الْبُلُوغِ تَكُونُ عِنْدَهُ أَيْضًا إِِلَى الزِّفَافِ وُجُوبًا، وَلَوْ تَبَرَّعَتِ الأُْمُّ بِحَضَانَتِهَا، لأَِنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْحَضَانَةِ الْحِفْظُ، وَالأَْبُ أَحْفَظُ لَهَا، وَإِِنَّمَا تُخْطَبُ مِنْهُ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ تَحْتَ نَظَرِهِ لِيُؤْمَنَ عَلَيْهَا مِنْ دُخُول الْفَسَادِ لِكَوْنِهَا مُعَرَّضَةً لِلآْفَاتِ لاَ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا لِلاِنْخِدَاعِ لِغِرَّتِهَا.
وَالْمَعْتُوهُ وَلَوْ أُنْثَى يَكُونُ عِنْدَ أُمِّهِ وَلَوْ بَعْدَ

الصفحة 316