كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 17)

الْكَرِيمِ لِكَوْنِهِ أَفْقَهَهُمْ جَمِيعًا (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ إِِلَى أَنَّ الأَْقْرَأَ وَالأَْحْفَظَ أَوْلَى بِالإِِْمَامَةِ فِي الصَّلاَةِ مِنَ الأَْفْقَهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا (2) .
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِِذَا كَانُوا ثَلاَثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَأَحَقُّهُمْ بِالإِِْمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ (3) .
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا (4) .

الْوَقْفُ وَالْوَصِيَّةُ عَلَى حُفَّاظِ الْقُرْآنِ:
5 - يَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْقُرَّاءِ، أَوْ أَهْل الْقُرْآنِ أَوِ الْوَصِيَّةَ لَهُمْ تُصْرَفُ لِحُفَّاظِ كُل الْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ الْغَيْبِ، وَلاَ يَدْخُل فِيهِمُ الْقُرَّاءُ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ مِنَ الْمُصْحَفِ.
__________
(1) البدائع 1 / 157، الطحطاوي على مراقي الفلاح 163، الاختيار 1 / 57، القوانين الفقهية ص 73، مغني المحتاج 1 / 242، المهذب 1 / 105، المغني لابن قدامة 2 / 181، المجموع للإمام النووي 4 / 279.
(2) حديث: " يؤم القوم أقرؤهم ". أخرجه مسلم (1 / 465 ط الحلبي) من حديث أبي مسعود البدري.
(3) حديث: " إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم ". أخرجه مسلم (1 / 464 ط الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري.
(4) حديث: " ليؤمكم أكثركم قرآنا ". . أخرجه البخاري (الفتح 8 / 22 ط السلفية) من حديث عمرو بن سلمة.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ كَذَلِكَ إِِلَى أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْقُرَّاءِ أَوْ أَهْل الْقُرْآنِ الآْنَ أَوَالْوَصِيَّةَ لَهُمْ يُصْرَفُ لِحُفَّاظِ الْقُرْآنِ كُلِّهِ.
أَمَّا فِي الصَّدْرِ الأَْوَّل فَكَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْقُرَّاءِ أَوْ أَهْل الْقُرْآنِ أَوِ الْوَصِيَّةُ لَهُمْ يُصْرَفُ لِلْفُقَهَاءِ لأَِنَّ الأَْقْرَأَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانَ فَقِيهًا لِتَلَقِّيهمُ الْقُرْآنَ بِمَعَانِيهِ وَأَحْكَامِهِ (1) .

حُكْمُ جَعْل تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ صَدَاقًا:
6 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ جَعْل تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ صَدَاقًا لِلْمَرْأَةِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ إِِلَى عَدَمِ جَوَازِ جَعْل تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ صَدَاقًا لِلْمَرْأَةِ، لأَِنَّ الْفُرُوجَ لاَ تُسْتَبَاحُ إِِلاَّ بِالأَْمْوَال لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُحِل لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} (2) وَلأَِنَّ تَحْفِيظَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ إِِلاَّ قُرْبَةً لِفَاعِلِهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ خِلاَفُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ إِِلَى جَوَازِ جَعْل تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ صَدَاقًا لِلْمَرْأَةِ " لأَِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَ رَجُلاً امْرَأَةً بِمَا مَعَهُ مِنَ الْقُرْآنِ
__________
(1) مغني المحتاج 3 / 61، تحفة المحتاج 7 / 54، الفروع 4 / 617، الإنصاف 7 / 94.
(2) سورة النساء / 24.

الصفحة 324