كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 17)
بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} . وَتَفْصِيلُهُ فِي (هَدْيٌ، وَتَمَتُّعٌ، وَقِرَانٌ) .
الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ كَيْفِيَّاتِ أَدَاءِ الْحَجِّ:
39 - فَضَّل كُل كَيْفِيَّةٍ مِنْ كَيْفِيَّاتِ الْحَجِّ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ اخْتِلاَفِ الرِّوَايَاتِ فِي حَجِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاِسْتِنْبَاطَاتِ قُوَّةِ ذَلِكَ التَّفْضِيل عِنْدَ كُل جَمَاعَةٍ:
أ - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الإِْفْرَادَ بِالْحَجِّ أَفْضَل، وَبِهِ قَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَجَابِرٌ، وَالأَْوْزَاعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ (1) .
وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ:
1 - حَدِيثُ عَائِشَةَ السَّابِقُ، وَفِيهِ قَوْلُهَا: وَأَهَل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ. وَغَيْرُهُ مِنْ أَحَادِيثَ تُفِيدُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ.
2 - أَنَّهُ أَشَقُّ عَمَلاً مِنَ الْقِرَانِ، وَلَيْسَ فِيهِ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ كَمَا فِي التَّمَتُّعِ، فَيَكُونُ أَكْثَرَ ثَوَابًا (2) .
إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ فَضَّلُوا الإِْفْرَادَ، ثُمَّ الْقِرَانَ،
__________
(1) شرح الرسالة وحاشية العدوي 1 / 490، وشرح المنهاج 2 / 128، والمجموع 7 / 140.
(2) شرح الرسالة وشرح المنهاج الصفحتين السابقتين.
ثُمَّ التَّمَتُّعَ، وَقَدَّمَ الشَّافِعِيَّةُ التَّمَتُّعَ عَلَى الْقِرَانِ.
وَشَرْطُ تَفْضِيل الإِْفْرَادِ عَلَى غَيْرِهِ - عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ - " أَنْ يَحُجَّ ثُمَّ يَعْتَمِرَ فِي سَنَتِهِ، فَإِنْ أَخَّرَ الْعُمْرَةَ عَنْ سَنَةِ الْحَجِّ فَكُل وَاحِدٍ مِنَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ أَفْضَل مِنْهُ، بِلاَ خِلاَفٍ، لأَِنَّ تَأْخِيرَ الْعُمْرَةِ عَنْ سَنَةِ الْحَجِّ مَكْرُوهٌ (1) ".
ب - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ أَفْضَلَهَا الْقِرَانُ، ثُمَّ التَّمَتُّعُ، ثُمَّ الإِْفْرَادُ، وَهُوَ قَوْل سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْمُزَنِيِّ صَاحِبِ الشَّافِعِيِّ. وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ (2) .
وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ:
1 - حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُول: أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، فَقَال: صَل فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُل: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ (3) .
فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِإِدْخَال الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُفْرِدًا، وَلاَ يَأْمُرُهُ إِلاَّ بِالأَْفْضَل. وَهَذَا يَجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي حَجِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ مُتَعَيَّنٌ (4) .
__________
(1) المجموع 7 / 139.
(2) الهداية وفتح القدير 2 / 199 و 210، ورد المحتار 2 / 262، والمجموع 7 / 140.
(3) حديث: " أتاني الليلة آت من ربي. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 392 - ط السلفية) .
(4) انظر رجحات القرآن في زاد المعاد لابن القيم وقد أطال فيها 1 / 187، ونيل الأوطار للشوكاني 4 / 308 - 317.
الصفحة 44