كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ حَرَمَ لِلْمَدِينَةِ فَلاَ يَحْرُمُ فِيهَا الصَّيْدُ وَلاَ قَطْعُ الشَّجَرِ لِحَدِيثِ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَل النُّغَيْرُ (1) وَقَالُوا: لَوْ حَرُمَ لَمَا جَازَ صَيْدُهُ (2) .
وَعَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ يَنْتَهِي حَرَمُ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، وَيَبْدَأُ الْحِل مِنْ خَارِجِ الْحُدُودِ الَّتِي حَدَّهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّتِي هِيَ جَبَل عَيْرٍ وَثَوْرٍ، أَوِ اللاَّبَتَانِ، كَمَا فِي الْحَدِيثَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، وَانْظُرْ (الْمَدِينَةَ الْمُنَوَّرَةَ) .
و أَشْهُرُ الْحِل:
7 - الأَْشْهُرُ الْحُرُمُ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَل: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (3) .
وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: خَطَبَنَا
__________
(1) حديث: " يا أبا عمير ما فعل النغير. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 526 - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.
(2) حاشية ابن عابدين 2 / 256، وعمدة القاري 10 / 229 (ر: اختصاص ف 67) .
(3) سورة التوبة / 36.
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى فَقَال: إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ (1) .
وَعَلَيْهِ فَالثَّمَانِيَةُ الأَْشْهُرُ الْبَاقِيَةُ هِيَ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا أَشْهُرُ الْحِل. وَقَدْ كَانَ الْقِتَال مُحَرَّمًا فِي الأَْشْهُرِ الْحُرُمِ مُبَاحًا فِي أَشْهُرِ الْحِل فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَاسْتَمَرَّ فِي صَدْرِ الإِْسْلاَمِ، وَقَدْ أَحْدَثَ الْجَاهِلِيُّونَ فِيهَا النَّسِيءَ وَهُوَ إِبْدَال مَوْضِعِ شَهْرٍ حَرَامٍ مَكَانَ آخَرَ حَلاَلٍ، وَقَدْ أَبْطَلَهُ الإِْسْلاَمُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَل بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا} (2)
(ر: مُصْطَلَحَ: إِحْرَامٌ. نَسِيءٌ. الأَْشْهُرُ الْحُرُمُ) .
ز - الْحِل مُقَابِل الإِْحْرَامِ:
8 - يَكُونُ الْحِل بِفِعْل الإِْنْسَانِ مَا يَخْرُجُ بِهِ مِنَ
__________
(1) حديث: " إن الزمان قد استدار كهيئته. . . " أخرجه البخاري (الفتح 8 / 108، 324 ط السلفية، ومسلم (3 / 1305 - ط الحلبي) .
(2) سورة التوبة / 37.
الصفحة 106