كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
أَشْكَالِهَا (1) . وَذَلِكَ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُحِل الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لإِِنَاثِ أُمَّتِي وَحَرُمَ عَلَى ذُكُورِهَا (2) .
وَيُسْتَثْنَى مِنَ التَّحْرِيمِ حَالَتَانِ:
الْحَالَةُ الأُْولَى: اتِّخَاذُهُ لِلْحَاجَةِ. ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ أَنْفٍ أَوْ سِنٍّ مِنَ الذَّهَبِ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ.
لِحَدِيثِ عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ الَّذِي قُلِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكِلاَبِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ (3) .
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلٌ لأَِبِي يُوسُفَ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ اتِّخَاذِ السِّنِّ أَوْ شَدِّهِ بِالذَّهَبِ لِلرِّجَال دُونَ الْفِضَّةِ، لأَِنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي الأَْنْفِ دُونَ غَيْرِهِ وَلِضَرُورَةِ النَّتْنِ بِالْفِضَّةِ (4) .
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: تَحْلِيَةُ آلاَتِ الْقِتَال بِالذَّهَبِ. ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ تَحْلِيَةِ آلاَتِ الْقِتَال بِالذَّهَبِ، لأَِنَّ الأَْصْل أَنَّ التَّحَلِّيَ
__________
(1) البناية 9 / 228، 236، جواهر الإكليل 1 / 10، المجموع 6 / 38، كشاف القناع 2 / 238.
(2) حديث: " أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم. . . ". أخرجه النسائي (8 / 161 - ط المكتبة التجارية) من حديث أبي موسى. وحسنه ابن المديني كما في التلخيص لابن حجر (1 / 53 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(3) حديث: " عرفجة بن أسعد. . . " أخرجه أبو داود (4 / 434 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (4 / 240 - ط الحلبي) وحسنه الترمذي.
(4) حاشية ابن عابدين 5 / 231.
بِالذَّهَبِ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَال إِلاَّ مَا خَصَّهُ الدَّلِيل وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يَدُل عَلَى الْجَوَازِ. وَلأَِنَّ فِيهِ زِيَادَةَ إِسْرَافٍ وَخُيَلاَءَ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى جَوَازِ تَحْلِيَةِ السَّيْفِ بِالذَّهَبِ سَوَاءٌ مَا اتَّصَل بِهِ كَالْقَبِيعَةِ (1) وَالْمِقْبَضِ، أَوْ مَا انْفَصَل عَنْهُ كَالْغِمْدِ، وَقَصَرَ الْحَنَابِلَةُ الْجَوَازَ عَلَى الْقَبِيعَةِ لأَِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ لَهُ سَيْفٌ فِيهِ سَبَائِكُ مِنْ ذَهَبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ كَانَ فِي سَيْفِهِ مِسْمَارٌ مِنْ ذَهَبٍ. وَكَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ (2) .
ب - حِلْيَةُ الْفِضَّةِ لِلرِّجَال:
5 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ عَلَى جَوَازِ لُبْسِ الرَّجُل خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَعَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ سِنٍّ أَوْ أَنْفٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَعَلَى جَوَازِ تَحْلِيَةِ آلاَتِ الْحَرْبِ بِالْفِضَّةِ (3) .
وَلِلْمَذَاهِبِ تَفْصِيلٌ فِي ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ " تَخَتُّمٌ " مِنَ الْمَوْسُوعَةِ (ج 11) .
__________
(1) قبيعة السيف: ما على طرف مقبضه من فضة أو حديد (القاموس، والمعجم الوسيط) .
(2) حديث: " كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة ". أخرجه الترمذي (4 / 201 - ط الحلبي) من حديث أنس بن مالك. . . وحسنه الترمذي.
(3) البناية 9 / 228، حاشية ابن عابدين 5 / 229، الشرح الصغير 1 / 61، حاشية الدسوقي 1 / 63، المجموع 6 / 38، تحفة المحتاج 3 / 276، كشاف القناع 2 / 238، الإنصاف 3 / 144 - 145.
الصفحة 110