كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ الْخَاتَمَ بِأَنْ لاَ يَزِيدَ عَلَى دِرْهَمَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ.
وَقَيَّدَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنْ لاَ يَبْلُغَ بِهِ حَدَّ الإِْسْرَافِ فَلاَ يَتَجَاوَزَ بِهِ عَادَةً أَمْثَال اللاَّبِسِ.
وَلِلْحَنَابِلَةِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ فِي تَحَلِّي الرِّجَال بِالْفِضَّةِ فِيمَا عَدَا الْخَاتَمَ وَحِلْيَةَ السِّلاَحِ أَحَدُهَا: الْحُرْمَةُ. وَالثَّانِي: الْكَرَاهَةُ، وَالثَّالِثُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ: لاَ أَعْرِفُ عَلَى تَحْرِيمِ لُبْسِ الْفِضَّةِ نَصًّا عَنْ أَحْمَدَ وَكَلاَمُ شَيْخِنَا (يَعْنِي ابْنَ تَيْمِيَّةَ) يَدُل عَلَى إِبَاحَةِ لُبْسِهَا لِلرِّجَال إِلاَّ مَا دَل الشَّرْعُ عَلَى تَحْرِيمِهِ، أَيْ مِمَّا فِيهِ تَشَبُّهٌ أَوْ إِسْرَافٌ أَوْ مَا كَانَ عَلَى شَكْل صَلِيبٍ وَنَحْوِهِ.
وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِالْقِيَاسِ عَلَى خَاتَمِ الْفِضَّةِ فَإِنَّهُ يَدُل عَلَى إِبَاحَةِ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ، وَمَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ، وَالتَّحْرِيمُ يَفْتَقِرُ إِلَى دَلِيلٍ وَالأَْصْل عَدَمُهُ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى تَحْرِيمِ حُلِيِّ الْفِضَّةِ لِلرِّجَال عَدَا الْخَاتَمَ وَحِلْيَةَ السَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ (1) وَلَمْ نَجِدْ لِلْحَنَفِيَّةِ تَصْرِيحًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى إبَاحَةِ يَسِيرِ الذَّهَبِ فِي خَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلرِّجَال شَرِيطَةَ أَنْ يَقِل الذَّهَبُ عَنِ الْفِضَّةِ وَأَنْ يَكُونَ تَابِعًا لِلْفِضَّةِ، وَذَلِكَ كَالْمِسْمَارِ يُجْعَل فِي حَجَرِ الْفَصِّ.
__________
(1) الإنصاف 3 / 149، والشرح الصغير 1 / 59 - 60.
وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ (1) .
أَمَّا فِيمَا عَدَا خَاتَمَ الْفِضَّةِ مِنَ الْحُلِيِّ لِلرِّجَال كَالدُّمْلُجِ، وَالسِّوَارِ، وَالطَّوْقِ، وَالتَّاجِ، فَلِلشَّافِعِيَّةِ فِيهِ وَجْهَانِ: الأَْوَّل التَّحْرِيمُ، وَالثَّانِي الْجَوَازُ مَا لَمْ يَتَشَبَّهْ بِالنِّسَاءِ. لأَِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْفِضَّةِ إِلاَّ تَحْرِيمُ الأَْوَانِي، وَتَحْرِيمُ الْحُلِيِّ عَلَى وَجْهٍ يَتَضَمَّنُ التَّشَبُّهَ بِالنِّسَاءِ.
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ أَنْفٍ أَوْ سِنٍّ مِنْ فِضَّةٍ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ تَحْلِيَةِ آلاَتِ الْحَرْبِ بِالْفِضَّةِ عَدَا السَّرْجَ وَاللِّجَامَ وَالثَّغْرَ لِلدَّابَّةِ فَهُوَ حَرَامٌ، لأَِنَّهُ حِلْيَةٌ لِلدَّابَّةِ لاَ لِلرَّجُل. وَاسْتَدَلُّوا بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَقَصَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ الْجَوَازَ عَلَى حِلْيَةِ السَّيْفِ فَقَطْ (2) .
حِلْيَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلنِّسَاءِ:
6 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ الْمَرْأَةِ أَنْوَاعَ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ جَمِيعًا كَالطَّوْقِ، وَالْعَقْدِ، وَالْخَاتَمِ، وَالسِّوَارِ، وَالْخَلْخَال، وَالتَّعَاوِيذِ، وَالدُّمْلُجِ، وَالْقَلاَئِدِ، وَالْمُخَانِقِ، وَكُل مَا يُتَّخَذُ فِي الْعُنُقِ، وَكُل مَا يَعْتَدْنَ لُبْسَهُ وَلَمْ يَبْلُغْ حَدَّ
__________
(1) ابن عابدين 5 / 229، والبناية 2 / 228، وحاشية الدسوقي 1 / 63، وكشاف القناع 2 / 238، والإنصاف 3 / 144، 145.
(2) المراجع السابقة.
الصفحة 111