كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

وَاخْتَارَ شَمْسُ الأَْئِمَّةِ وَقَاضِي خَانَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ الْحِل قِيَاسًا عَلَى الْعَقِيقِ.
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ خَاتَمِ الْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَالشَّبَهِ (وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ النُّحَاسِ) وَالْقَصْدِيرِ لِلرَّجُل وَالْمَرْأَةِ (1) . وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: إِنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ شَبَهٍ، فَقَال لَهُ: مَا لِي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الأَْصْنَامِ؟ فَطَرَحَهُ ثُمَّ جَاءَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ فَقَال: مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْل النَّارِ. فَطَرَحَهُ، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ؟ قَال: اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ وَلاَ تُتِمَّهُ مِثْقَالاً (2) .
وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ مُسْتَدِلًّا بِأَنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لِلَّذِي خَطَبَ الْوَاهِبَةَ نَفْسَهَا اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ (3) وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ. كَمَا
__________
(1) حاشية ابن عابدين 5 / 229، 269، البناية 9 / 231، كشاف القناع 2 / 237 - 238، المجموع 4 / 465 - 466، روضة الطالبين 2 / 263، حاشية الدسوقي 1 / 63، مواهب الجليل 1 / 129، الشرح الصغير 1 / 62.
(2) حديث بريدة: " مالي أجد منك ريح الأصنام " أخرجه أبو داود (4 / 428 - 429 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، والترمذي (4 / 248 - ط الحلبي) وضعفه النووي في المجموع (4 / 465 - ط المنيرية) .
(3) حديث: " اذهب فالتمس ولو خاتما من حديد ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 175 - ط السلفية) ومسلم (2 / 1041 - ط الحلبي) من حديث سهل بن سعد الساعدي، واللفظ للبخاري.
اسْتَدَل بِحَدِيثِ مُعَيْقِيبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيدٍ مَلْوِيٍّ عَلَيْهِ فِضَّةٌ (1) .
ثُمَّ قَال النَّوَوِيُّ: " وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ لِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ". (2)

زَكَاةُ الْحُلِيِّ:

9 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْحَلْيِ الْمُسْتَعْمَل اسْتِعْمَالاً مُحَرَّمًا، كَأَنْ يَتَّخِذَ الرَّجُل حَلْيَ الذَّهَبِ لِلاِسْتِعْمَال، لأَِنَّهُ عَدَل بِهِ عَنْ أَصْلِهِ بِفِعْلٍ غَيْرِ مُبَاحٍ فَسَقَطَ حُكْمُ فِعْلِهِ وَهُوَ صِيَاغَتُهُ صِيَاغَةً مُحَرَّمَةً، وَبَقِيَ عَلَى حُكْمِ الأَْصْل مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ.
كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِهَا فِي الْحَلْيِ الْمَكْنُوزِ الْمُقْتَنَى الَّذِي لَمْ يَقْصِدْ بِهِ مُقْتَنِيهِ اسْتِعْمَالاً مُحَرَّمًا وَلاَ مَكْرُوهًا وَلاَ مُبَاحًا، لأَِنَّهُ مَرْصَدٌ لِلنَّمَاءِ فَصَارَ كَغَيْرِ الْمَصُوغِ، وَلاَ يَخْرُجُ عَنِ التَّنْمِيَةِ إِلاَّ بِالصِّيَاغَةِ الْمُبَاحَةِ وَنِيَّةِ اللُّبْسِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَلْيِ الْمُسْتَعْمَل اسْتِعْمَالاً مُبَاحًا كَحَلْيِ الذَّهَبِ لِلْمَرْأَةِ وَخَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلرَّجُل.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ فِي الْمَذْهَبِ
__________
(1) حديث معيقيب. . . " أخرجه أبو داود (4 / 429 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وجوده النووي في المجموع (4 / 465 - ط المنيرية) .
(2) المجموع 4 / 466.

الصفحة 113