كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

كَمَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ دَخَل عَلَيَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى فِي يَدِيَّ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ، فَقَال: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ، فَقُلْتُ: صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لَكَ يَا رَسُول اللَّهِ. قَال: أَتُؤْتِينَ زَكَاتَهُنَّ؟ قُلْتُ: لاَ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ قَال: هَذَا حَسْبُكِ مِنَ النَّارِ (1) .
وَالْحُلِيُّ مَالٌ نَامٍ وَدَلِيل النَّمَاءِ الإِْعْدَادُ لِلتِّجَارَةِ خِلْقَةً.

حُكْمُ انْكِسَارِ الْحَلْيِ:
10 - فَصَّل الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْحَلْيِ مَا إِذَا انْكَسَرَ الْحَلْيُ، فَلَهُ حِينَئِذٍ أَحْوَالٌ:
الأَْوَّل: أَنْ لاَ يَمْنَعَ الاِنْكِسَارُ اسْتِعْمَالَهُ وَلُبْسَهُ فَلاَ أَثَرَ لِلاِنْكِسَارِ وَلاَ زَكَاةَ فِيهِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَقَيَّدَهُ الْحَنَابِلَةُ بِأَنْ لاَ يَنْوِيَ تَرْكَ لُبْسِهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَمْنَعَ الاِنْكِسَارُ اسْتِعْمَالَهُ فَيَحْتَاجَ إِلَى سَبْكٍ وَصَوْغٍ.
فَتَجِبُ زَكَاتُهُ، وَأَوَّل الْحَوْل وَقْتُ الاِنْكِسَارِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَمْنَعَ الاِنْكِسَارُ الاِسْتِعْمَال وَلَكِنْ
__________
(1) حديث: " عائشة: " دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه أبو داود (2 / 213 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 389 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
لاَ يَحْتَاجُ إِلَى سَبْكٍ وَصَوْغٍ وَيَقْبَل الإِْصْلاَحَ بِالإِْلْحَامِ وَهَذَا عَلَى أَحْوَالٍ:
أ - إِنْ قَصَدَ جَعْلَهُ تِبْرًا أَوْ دَرَاهِمَ، أَوْ كَنَزَهُ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ وَانْعَقَدَ حَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ الاِنْكِسَارِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ.
ب - أَنْ يَقْصِدَ إِصْلاَحَهُ فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
ج - إِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَجَبَتْ زَكَاتُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَلاَ تَجِبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ. وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الاِنْكِسَارَ إِذَا مَنَعَ الاِسْتِعْمَال مُطْلَقًا فَلاَ زَكَاةَ فِي الْحَلْيِ (1) .

إِجَارَةُ الْحَلْيِ:
11 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ إِجَارَةِ الْحَلْيِ بِأُجْرَةٍ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ. لأَِنَّهُ عَيْنٌ يُنْتَفَعُ بِهَا مَنْفَعَةً مُبَاحَةً مَقْصُودَةً مَعَ بَقَائِهَا فَجَازَتْ إِجَارَتُهَا كَالأَْرَاضِيِ.
وَكَرِهَ الْمَالِكِيَّةُ إِجَارَةَ الْحَلْيِ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ، وَالأَْوْلَى إِعَارَتُهُ لأَِنَّهَا مِنَ الْمَعْرُوفِ (2) .
وَلَمْ نَقِفْ عَلَى رَأْيِ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ.

وَقْفُ الْحَلْيِ:
12 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْحُلِيِّ
__________
(1) حاشية الدسوقي 1 / 460، المجموع 6 / 36، المغني 3 / 13، كشاف القناع 2 / 235.
(2) نهاية المحتاج 5 / 268، مطالب أولي النهى 3 / 588، الشرح الصغير 4 / 33.

الصفحة 115