كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً} (1) وَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْل الْبِرِّ مِنْكُمْ (2) . لَكِنْ إِنِ احْتَاجَ الإِْنْسَانُ إِلَى بَيَانِ فَضْلِهِ وَالتَّعْرِيفِ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ الْقُدُرَاتِ فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ (3) . كَمَا قَال يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَْرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (4) .
وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (مَدْحٌ - تَزْكِيَةٌ) .
حَمْدُ الإِْنْسَانِ غَيْرَهُ:
حَمْدُ الإِْنْسَانِ غَيْرَهُ وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ وَمَدْحُهُ إِيَّاهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، وَبِخَاصَّةٍ إِذَا كَانَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، فَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَجُلاً ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْرًا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ - يَقُولُهُ مِرَارًا - إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ لاَ مَحَالَةَ فَلْيَقُل: أَحْسَبُ فُلاَنًا كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَلاَ أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا. (5)
وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (مَدْحٌ) .
__________
(1) سورة النساء / 49.
(2) حديث: " لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم ". أخرجه مسلم (3 / 1668 ط الحلبي) من حديث زينب بنت أبي سلمة.
(3) تفسير القرطبي 5 / 246، 17 / 110.
(4) سورة يوسف / 55.
(5) حديث: " ويحك قطعت عنق صاحبك " أخرجه مسلم (4 / 2296 - ط الحلبي) . وانظر القرطبي 5 / 247.
حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى:
9 - حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى مَطْلُوبٌ شَرَعَا، وَرَدَ بِذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَمِنْهُ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُل الْحَمْدُ لِلَّهِ} (1) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُل أَمْرٍ ذِي بَالٍ لاَ يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ فَهُوَ أَقْطَعُ. (2)
وَقَدْ حَمِدَ اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ وَافْتَتَحَ كِتَابَهُ بِحَمْدِهِ فَقَال عَزَّ وَجَل: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3) .
وَحُكْمُ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ مَوَاطِنِهِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
أَوَّلاً: الاِبْتِدَاءُ بِالْحَمْدِ:
10 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الاِبْتِدَاءَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الأُْمُورِ الْمُهِمَّةِ مَنْدُوبٌ (4) اقْتِدَاءً بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَمَلاً بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: كُل أَمْرٍ ذِي بَالٍ لاَ يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ أَقْطَعُ فَيُسْتَحَبُّ الْبُدَاءَةُ بِالْحَمْدِ لِكُل
__________
(1) سورة النمل / 59.
(2) حديث: " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد فهو أقطع " أخرجه ابن ماجه (1 / 610 ط الحلبي) والدارقطني (1 / 229 - ط دار المحاسن) من حديث أبي هريرة وصوب الدارقطني إرساله. وقوله " ذي بال " أي له حال يهتم به، وقوله أقطع: ناقص قليل البركة.
(3) سورة الفاتحة / 1.
(4) رد المحتار 1 / 7 حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 6 وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 4.
الصفحة 128