كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لَكِنَّ الْمُتُونَ عَلَى قَوْل الإِْمَامِ.
وَقَال النَّوَوِيُّ: وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا، لَكِنْ قَال الأَْصْحَابُ: إِنَّمَا يَأْتِي الإِْمَامُ بِهَذَا كُلِّهِ إِذَا رَضِيَ الْمَأْمُومُونَ بِالتَّطْوِيل وَكَانُوا مَحْصُورِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ.
قَال الشَّافِعِيُّ وَالأَْصْحَابُ: وَلَوْ قَال: وَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا أَجْزَأَهُ، لأَِنَّهُ أَتَى بِاللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَلَكِنَّ الأَْفْضَل قَوْلُهُ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ.
وَقَال صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ: يُسْتَحَبُّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَجْهَرَ بِقَوْلِهِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِيَسْمَعَ الْمَأْمُومُونَ وَيَعْلَمُوا انْتِقَالَهُ كَمَا يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ، وَيُسِرُّ بِقَوْلِهِ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ لأَِنَّهُ يَفْعَلُهُ فِي الاِعْتِدَال فَيُسِرُّ بِهِ كَالتَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيُسِرُّ بِهِمَا كَمَا يُسِرُّ بِالتَّكْبِيرِ، فَإِنْ أَرَادَ تَبْلِيغَ غَيْرِهِ انْتِقَال الإِْمَامِ كَمَا يُبَلِّغُ التَّكْبِيرَ جَهَرَ بِقَوْلِهِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، لأَِنَّهُ الْمَشْرُوعُ فِي حَال الاِرْتِفَاعِ. وَلاَ يَجْهَرُ بِقَوْلِهِ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، لأَِنَّهُ إِنَّمَا يُشْرَعُ فِي حَال الاِعْتِدَال. (1)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا اسْتَتَمَّ الْمُصَلِّي قَائِمًا مِنْ رُكُوعِهِ قَال: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ
__________
(1) المجموع 3 / 417 - 418.
وَالأَْرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرُّكُوعِ ثُمَّ يَقُول وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ (1) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِمَا رَوَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَال: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَْرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ. (2)
وَنُقِل عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِنْ شَاءَ زَادَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُ: أَهْل الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَال الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ (3) رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُ، أَوْ يَقُول الْمُصَلِّي غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا وَرَدَ.
وَالصَّحِيحُ - عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَقُول
__________
(1) حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: " سمع الله لمن حمد " حين يرفع صلبه من الركوع. أخرجه البخاري (الفتح 2 / 272 - ط السلفية) ومسلم (1 / 294 - ط الحلبي) .
(2) حديث علي: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده " أخرجه مسلم (1 / 535 - ط الحلبي) .
(3) حديث أبي سعيد الخدري: أخرجه مسلم (1 / 347 - ط الحلبي) .

الصفحة 132