كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

سَادِسًا: الْحَمْدُ بَعْدَ الصَّلاَةِ:
17 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْحَمْدِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، وَجَاءَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ مِنْهَا: مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ (1) وَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ أَتَوْا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: ذَهَبَ أَصْحَابُ الدُّثُورِ (2) بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلاَ أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلاَ يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَل مِنْكُمْ إِلاَّ مَنْ صَنَعَ مَا صَنَعْتُمْ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُول اللَّهِ، قَال: تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُل صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ. (3)
__________
(1) حديث المغيرة بن شعبة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من الصلاة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 325 - ط السلفية) ، ومسلم (1 / 415 - ط الحلبي) .
(2) الدثور: جمع دثر وهو المال الكثير.
(3) حديث أبي هريرة: " ألا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم. . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 325 - ط السلفية) ومسلم (1 / 417 - ط الحلبي) .
وَتَفْصِيل هَذَا فِي مُصْطَلَحِ " تَحْمِيدٌ " (1)
سَابِعًا: الْحَمْدُ فِي الْخُطَبِ الْمَشْرُوعَةِ:
18 - الْحَمْدُ مَطْلُوبٌ فِي الْخُطَبِ الْمَشْرُوعَةِ، وَهِيَ عَشْرٌ أَوْ ثَمَانٍ أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ، عَلَى تَفْصِيلٍ يُذْكَرُ فِي مَوْطِنِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ:

أ - الْحَمْدُ فِي خُطْبَتَيِ الْجُمُعَةِ:
19 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ لَفْظَ الْحَمْدِ لاَ يُشْتَرَطُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، فَلَوْ ذَكَرَ الْخَطِيبُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى قَصْدِ الْخُطْبَةِ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ جَازَ عِنْدَهُ فِي أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ، أَمَّا إِذَا قَال ذَلِكَ لِعُطَاسٍ أَوْ تَعَجُّبٍ فَلاَ يَجُوزُ، وَاسْتَدَل بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (2) مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، فَكَانَ الشَّرْطُ الذِّكْرَ الأَْعَمِّ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحَمْدَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ مَنْدُوبٌ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: مِنْ أَرْكَانِ خُطْبَتَيِ الْجُمُعَةِ حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى لِلاِتِّبَاعِ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: كَانَتْ خُطْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي
__________
(1) الموسوعة الفقهية الكويتية 10 / 268.
(2) سورة الجمعة / 9.

الصفحة 134