كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِلَى أَنَّ الْحَمْل سَبَبٌ لِتَأْخِيرِ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ، فَيُوقَفُ التَّقْسِيمُ كُلُّهُ حَتَّى تَضَعَ الْحَامِل، أَوْ يَظْهَرَ عَدَمُ حَمْلِهَا بِانْتِفَاءِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَلَيْسَ بِهَا حَمْلٌ ظَاهِرٌ.
وَإِنْ قَالَتْ: لاَ أَدْرِي أُخِّرَ الإِْرْثُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنْ لاَ حَمْل فِيهَا بِأَنْ تَحِيضَ حَيْضَةً، أَوْ يَمْضِيَ أَمَدُ الْعِدَّةِ وَلاَ رِيبَةَ حَمْلٍ بِهَا.
هَذَا، وَاشْتَرَطَ الْجَمِيعُ لإِِرْثِ الْحَمْل أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا حَال وَفَاةِ مُورَثِهِ وَأَنْ تَضَعَهُ حَيًّا بِأَنْ يَسْتَهِل صَارِخًا فَيَرِثَ وَيُورَثَ، (1) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا اسْتَهَل الْمَوْلُودُ وَرِثَ. (2)
وَفِيمَا سِوَى الاِسْتِهْلاَل تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (إِرْثٌ) .

ج - الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْل
13 - تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْل عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهَا اسْتِخْلاَفٌ مِنْ وَجْهٍ، لأَِنَّ الْمُوصِي يَجْعَلُهُ
__________
(1) ابن عابدين 3 / 332، وجواهر الإكليل 2 / 339 والحطاب وبهامشة المواق 5 / 352 و 353، وحاشية القليوبي 3 / 149، 150، والمغني لابن قدامة 6 / 314، 317.
(2) حديث: " إذا استهل المولود ورث " أخرجه أبو داود (3 / 335 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة والحاكم (4 / 349 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث جابر بن عبد الله وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
خَلِيفَةً فِي بَعْضِ مَالِهِ، وَالْجَنِينُ يَصْلُحُ خَلِيفَةً فِي الإِْرْثِ فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ، وَقَيَّدَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ لِلْحَمْل بِالْعِلْمِ بِوُجُودِهِ حِينَ الْوَصِيَّةِ، بِأَنْ يَنْفَصِل حَيًّا لأَِقَل مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، إِذْ لَوْ وُلِدَ لأَِكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ احْتُمِل وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ حِينَ الْوَصِيَّةِ فَلاَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ، وَهِيَ تَمْلِيكٌ لاَ يَصِحُّ لِلْمَعْدُومِ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِحَمْلٍ ثَابِتٍ أَوْ مَا سَيُوجَدُ، فَيُوقَفُ إِلَى وَضْعِهِ، فَيَسْتَحِقُّ إِنِ اسْتَهَل عَقِبَ وِلاَدَتِهِ، فَإِنْ نَزَل مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَيَاةً غَيْرَ قَارَّةٍ فَلاَ يَسْتَحِقُّهَا، وَتُرَدُّ الْوَصِيَّةُ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي. (2) وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (وَصِيَّةٌ) .

د - الْوَقْفُ عَلَى الْحَمْل:
14 - قَال الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُعَوَّل عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ، أَيِ الْحَمْل، لأَِنَّ الْوَقْفَ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى الْقَبُول فَيَصِحُّ الْوَقْفُ لِلْحَمْل اسْتِقْلاَلاً كَمَا يَصِحُّ تَبَعًا. (3)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ إِمْكَانُ تَمْلِيكِهِ بِأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا حَال الْوَقْفِ فِي الْخَارِجِ أَهْلاً لِلْمِلْكِ، فَلاَ يَصِحُّ عَلَى جَنِينٍ
__________
(1) ابن عابدين 5 / 418، وحاشية القليوبي 3 / 157، وكشاف القناع 4 / 356.
(2) جواهر الإكليل 2 / 317.
(3) ابن عابدين 5 / 419، وجواهر الإكليل 2 / 205.

الصفحة 147