كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

أَنْوَاعُ حُقُوقِ اللَّهِ الْخَالِصَةِ:
13 - حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى الْخَالِصَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا ثَمَانِيَةُ أَنْوَاعٍ: (1)
أ - عِبَادَةٌ خَالِصَةٌ، مِثْل: الإِْيمَانِ، وَالصَّلاَةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْبَالِغِ الْعَاقِل. وَكَذَلِكَ زَكَاةُ الْمَال عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - عِبَادَةٌ خَالِصَةٌ، لأَِنَّهَا قُرِنَتْ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَعُدَّتْ مِنْ أَرْكَانِ الإِْسْلاَمِ، قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بُنِيَ الإِْسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ (2) .
ب - عِبَادَةٌ فِيهَا مَعْنَى الْمَئُونَةِ، مِثْل: صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَكَذَلِكَ زَكَاةُ الْمَال - عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. (3)
__________
(1) كشف الأسرار 4 / 135.
(2) ديث: " بني الإسلاام على خمس. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 49 - ط السلفية) ومسلم، (1 / 45 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر.
(3) المئونة: الثقل، وفيها لغات: إحداهما على فعولة - بفتح الفاء وبهمزة مضمومة - والجمع مؤنات على لفظها، ومأنت القوم أمأنهم - مهموز بفتحتين. واللغة الثانية مؤنة - بهمزة ساكنة، قال الشاعر: أميرها مؤنته خفيفة، والجمع مؤن، مثل غرفة وغرف. والثالثة: مونة مؤنة: اسم لما يتحمله الإنسان من ثقل النفقة التي ينفقها على من يليه من أهله وولده، وقال الكوفيون: المؤنة مفعلة وليست مفعولة. فبعضهم يذهب إلى أنها مأخوذة من الأون وهو الثقل: هو من الأين (التعريفات لأبي الحسن علي بن محمد بن علي الجرجاني) .
وَالْمَئُونَةُ هِيَ الْوَظِيفَةُ الَّتِي تَعُودُ بِالنَّفْعِ الْعَامِّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَل: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيل اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيل} (1)
وَإِنَّمَا كَانَتْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فِيهَا مَعْنَى الْمَئُونَةِ، لأَِنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الإِْنْسَانِ بِسَبَبِ نَفْسِهِ وَبِسَبَبِ غَيْرِهِ، وَهُمُ الأَْشْخَاصُ الَّذِينَ يُمَوِّنُهُمْ وَيَلِي عَلَيْهِمْ.
وَلِكَوْنِهَا وَجَبَتْ عَلَى الْمُخْرِجِ بِسَبَبِ الْغَيْرِ لَمْ تَكُنْ عِبَادَةً خَالِصَةً، وَإِنَّمَا كَانَ فِيهَا مَعْنَى الْمَئُونَةِ، لأَِنَّ الْعِبَادَةَ الْخَالِصَةَ لاَ تَجِبُ بِسَبَبِ الْغَيْرِ. (2)
أَمَّا زَكَاةُ الْمَال - عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ - فَفِيهَا مَعْنَى الْمَئُونَةِ، لأَِنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الشَّخْصِ بِسَبَبٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِهِ، وَهُوَ مَلَكِيَّتُهُ لِلْمَال الْمُسْتَوْفِي لِشُرُوطِ الزَّكَاةِ، وَشُكْرًا لِلَّهِ عَلَى بَقَائِهِ زَائِدًا عَنْ حَاجَتِهِ، وَعَدَمِ هَلاَكِهِ.
كَمَا أَنَّ كُلًّا مِنْ زَكَاةِ الْمَال وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ مُسَاعِدَةٌ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ.
__________
(1) سورة التوبة / 60.
(2) المئونة هي الأصل، والعبادة في هذا النوع تبع.

الصفحة 15