كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ. (1) وَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ نَفْلٍ، فَالْيَمِينُ مَكْرُوهَةٌ وَالإِْقَامَةُ عَلَيْهَا مَكْرُوهَةٌ. وَإِنْ حَلَفَ عَلَى مُبَاحٍ كَدُخُول دَارٍ، وَلُبْسِ ثَوْبٍ أَوْ تَرْكِهِمَا فَلَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى الْيَمِينِ وَلَهُ أَنْ يَحْنَثَ، وَالأَْفْضَل - عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَفِي الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - الإِْقَامَةُ عَلَى الْيَمِينِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَنْقُضُوا الأَْيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} . (2)
وَفِي الْجُمْلَةِ إِذَا حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا اسْتُحِبَّ لَهُ الْحِنْثُ وَالتَّكْفِيرُ (3) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَفْعَل (4) وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى. (5)
مَا يَقَعُ فِيهِ الْحِنْثُ مِنَ الأَْيْمَانِ.
7 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْحِنْثَ لاَ يَقَعُ
__________
(1) حديث: " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها. . . " أخرجه البخاري (الفتح 11 / 517 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1274 - ط الحلبي) من حديث عبد الرحمن بن سمرة.
(2) سورة النحل / 91.
(3) الإنصاف 11 / 28.
(4) حديث: " من حلف على يمين. . . " أخرجه مسلم (3 / 1272 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(5) بدائع الصنائع 3 / 18، وابن عابدين 3 / 62، وروضة الطالبين 11 / 20 - 21، أسنى المطالب 4 / 248 والمغني 8 / 682 وكشاف القناع 6 / 230.
إِلاَّ فِي الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا تَنْعَقِدُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، فَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْمُسْتَقْبَل كَوَاللَّهِ: لاَ أَفْعَل كَذَا، أَوْ لأََفْعَلَنَّ كَذَا وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَحْنَثُ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ بِمُخَالَفَتِهَا فِي الْمُسْتَقْبَل، أَمَّا عَلَى الْمَاضِي، كَأَنْ يَقُول كَاذِبًا، وَهُوَ عَالِمٌ: وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُ كَذَا فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى عَدَمِ انْعِقَادِهَا، لأَِنَّ الْيَمِينَ الْمُنْعَقِدَةَ هِيَ الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا الْبِرُّ، وَالْحِنْثُ وَلاَ يُتَصَوَّرُ الْبِرُّ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْمَاضِي، لأَِنَّ الْيَمِينَ لِلْحَثِّ وَالْمَنْعِ، وَلاَ يُتَصَوَّرُ حَثٌّ، وَلاَ مَنْعٌ عَلَى مَاضٍ.
فَلاَ يَكُونُ الْحِنْثُ إِلاَّ فِي الْيَمِينِ الَّتِي قُصِدَ عَقْدُهَا عَلَى الْمُسْتَقْبَل. أَمَّا يَمِينُ الْمَاضِي، وَهِيَ مَا يُسَمَّى الْيَمِينَ الْغَمُوسَ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلاَ كَفَّارَةَ فِيهَا، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: تَنْعَقِدُ عَلَى الْمَاضِي وَيَحْنَثُ فِي الْحَال، وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لأَِنَّهُ حَلَفَ بِاللَّهِ وَهُوَ مُخْتَارٌ كَاذِبٌ، فَصَارَ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ. (1)
أَمَّا يَمِينُ اللَّغْوِ: فَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لاَ حِنْثَ فِيهَا: وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي صُورَتِهَا: فَقِيل هِيَ: مَا يَسْبِقُ عَلَى لِسَانِ الرَّجُل مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، كَأَنْ يَقُول: لاَ، وَاللَّهِ، بَلَى، وَاللَّهِ.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (أَيْمَانٌ) .
__________
(1) بدائع الصنائع 3 / 15، وشرح الزرقاني 3 / 57، وأسنى المطالب 4 / 240 - 241، وروضة الطالبين 11 / 3، وكشاف القناع 6 / 235.
الصفحة 167