كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
47 - (الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ) : حِينَ يَكُونُ الْمُحَال هُوَ مُنْكِرُ الْحَوَالَةِ:
أ - فَعِنْدَ مَنْ يَقُولُونَ بِتَرْجِيحِ زَعْمِ مُثْبِتِهَا (وَهُوَ الْمُحِيل) : تَثْبُتُ الْحَوَالَةُ بِيَمِينِهِ، وَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُهَا، فَيَبْرَأُ الْمُحِيل، وَيُطَالِبُ الْمُحَال عَلَيْهِ، ثُمَّ مَا قُبِضَ مِنْهُ يَكُونُ لِلْمُحَال، لأَِنَّا إِذَا نَظَرْنَا إِلَى جَانِبِ الْمُحِيل، فَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى الْحَوَالَةِ الَّتِي أَقَرَّ هُوَ بِهَا، وَإِذَا نَظَرْنَا إِلَى جَانِبِ الْمُحَال، فَإِنَّهُ ظَافِرٌ بِجِنْسِ حَقِّهِ الَّذِي يَأْبَى الْمُحِيل تَسْلِيمَهُ إِلَيْهِ.
ب - أَمَّا عِنْدَ مَنْ يَقُولُونَ بِتَرْجِيحِ زَعْمِ نَافِيهَا (وَهُوَ الْمُحَال) فَتَثْبُتُ الْوَكَالَةُ بِيَمِينِهِ وَيُعْتَبَرُ وَكِيلاً بِالْقَبْضِ، عَنِ الْمُحِيل، كَمَا أَنَّ الْمُحِيل فِي تَمَسُّكِهِ بِأَنَّ الْعَقْدَ كَانَ حَوَالَةً يَكُونُ مُعْتَرِفًا بِدَيْنِ الْمُحَال فِي ذِمَّتِهِ.
ثُمَّ الاِحْتِمَالاَتُ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلاَثَةٌ: لأَِنَّ الْمُحَال إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ قَبَضَ الْمَال مِنَ الْمُحَال عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَفِي الْحَالَةِ الأُْولَى: إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَال بَاقِيًا عِنْدَهُ أَوْ هَالِكًا.
48 - (الاِحْتِمَال الأَْوَّل) أَنَّ الْمُحَال لَمْ يَقْبِضِ الْمَال:
وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَأْخُذُ الْمُحَال حَقَّهُ مِنَ الْمُحِيل، ثُمَّ يَكُونُ لِلْمُحِيل مُطَالَبَةُ الْمُحَال عَلَيْهِ بِدَيْنِهِ، لأَِنَّ الْوَاقِعَ إِنْ كَانَ وَكَالَةً - كَمَا ثَبَتَ ظَاهِرًا - فَدَيْنُهُ مَا زَال فِي ذِمَّةِ مَدِينِهِ لَمْ يَقْبِضْهُ
الْوَكِيل بَعْدُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْوَاقِعِ حَوَالَةً، فَإِنَّ الْمُحَال لَمْ يَعْمَل بِمُقْتَضَاهَا لأَِنَّهَا اعْتُبِرَتْ فِي الظَّاهِرِ وَكَالَةً، وَبَدَلاً مِنْ أَنْ يَأْخُذَ الْمُحَال حَقَّهُ مِنَ الْمُحَال عَلَيْهِ، أَخَذَهُ مِنَ الْمُحِيل ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، فَيَكُونُ لَهُ - رَغْمَ إِقْرَارِهِ بِأَنَّ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُحَال عَلَيْهِ هُوَ لِلْمُحِيل - أَنْ يَأْخُذَهُ لِنَفْسِهِ وَفَاءً بِمَا أَخَذَهُ الْمُحَال مِنْهُ، كَالظَّافِرِ بِجِنْسِ حَقِّهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِيِّ مِنْ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ. وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَمْنَعُهُ مِنْ أَخْذِهِ، وُقُوفًا عِنْدَ مُؤَاخَذَتِهِ بِإِقْرَارِهِ هَذَا.
49 - (الاِحْتِمَال الثَّانِي) أَنَّ الْمُحَال قَبَضَ الْمَال، وَمَا زَال عِنْدَهُ:
فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ لَهُ الْحَقُّ فِي تَمَلُّكِ مَا قَبَضَ. لأَِنَّهُ مَعَ ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ يُعْتَبَرُ ظَافِرًا بِجِنْسِ حَقِّهِ الَّذِي يَأْبَى الْمُحِيل تَسْلِيمَهُ إِلَيْهِ تَمَسُّكًا بِالْحَوَالَةِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ إِقْرَارَ الْمُحِيل لَهُ بِدَيْنِهِ.
50 - (الاِحْتِمَال الثَّالِثُ) الْمُحَال قَبَضَ الْمَال، وَلَكِنَّهُ هَلَكَ عِنْدَهُ:
وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ - تَفْرِيعًا عَلَى الْوَكَالَةِ الَّتِي ثَبَتَتْ - إِنْ كَانَ قَدْ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ مِنْهُ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ، وَثَبَتَ عَلَيْهِ مِثْل مَا لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيل، فَيَتَقَاصَّانِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ، فَقَدْ هَلَكَ عَلَى صَاحِبِهِ وَهُوَ الْمُحِيل، وَيَرْجِعُ هُوَ بِدَيْنِهِ
الصفحة 189