كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

وَاشْتَرَطَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ حُضُورَ الْمُحَال عَلَيْهِ وَإِقْرَارَهُ أَوْ حُضُورَهُ وَعِلْمَهُ، وَوَافَقَهُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ طَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ كَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ عَرَفَةَ وَأَبِي الْحَسَنِ، حَتَّى لَقَدِ اسْتَنْبَطَ ابْنُ سَوْدَةَ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ مِنَ اجْتِمَاعِ كُل هَؤُلاَءِ أَنَّ هَذَا الرَّأْيَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ تُفْسَخُ الْحَوَالَةُ عَلَى الْغَائِبِ. وَبِالرَّغْمِ مِنْ ذَلِكَ فَالَّذِي جَرَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ وَالْقَرَافِيُّ وَابْنُ سَلْمُونَ - وَاشْتُهِرَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - عَدَمُ اشْتِرَاطِ هَذِهِ الشَّرِيطَةِ وَهُوَ فِي الأَْصْل قَوْل ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَيُنْسَبُ إِلَى مَالِكٍ نَفْسِهِ (1) ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمُوَثَّقِينَ وَالأَْنْدَلُسِيِّينَ (2) . وَهُوَ قَوْل مَنْ عَدَا الْمَالِكِيَّةَ مِنَ الْفُقَهَاءِ (3) .
52 - وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ شَرِيطَةَ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول أَنْ يَكُونَا بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ هُوَ مَجْلِسُ
__________
(1) هذا صحيح استنباطا من نصوصه. فقد قال فيمن أحيل عليه بأكثر من الدين الذي عليه: " تكون حوالة في مقداره، حمالة في الباقي " فإنه صريح في أنه لا يشترط إقراره، وإذا كان لا يشترط إقراره ولا الكشف عن ذمته فلا معنى لاشتراط حضوره.
(2) الخرشي على خليل 4 / 235 وحواشي التحفة للعراقي 2 / 33 - 34.
(3) ابن عابدين 4 / 290 ومغني المحتاج 2 / 197 - 198 ومطالب أولي النهى 3 / 327.
الْعَقْدِ، وَقَدْ يُسَمَّى: مَحَل الإِْيجَابِ، وَقَدْ عَرَفْنَا أَنَّ كُلًّا مِنَ الاِبْتِدَاءِ وَالتَّعْقِيبِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كُل وَاحِدٍ مِنَ الأَْطْرَافِ الثَّلاَثَةِ لِكُل حَوَالَةٍ، وَبِذَلِكَ تَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ إِلاَّ أَنَّهَا تَكُونُ نَاجِزَةً أَوْ مَوْقُوفَةً، نَحْوَ مَا أَسْلَفْنَاهُ (ر: ف 29) .
وَقَدْ لَخَّصَهُ صَاحِبُ النَّهْرِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - عَلَى طَرِيقَةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - بِقَوْلِهِ: (الشَّرْطُ قَبُول الْمُحْتَال فِي الْمَجْلِسِ، وَرِضَا الْمُحَال عَلَيْهِ وَلَوْ غَائِبًا) . (1)

الشُّرُوطُ الَّتِي يَشْتَرِطُهَا الأَْطْرَافُ:
53 - يَشْتَرِطُ الْحَنَفِيَّةُ كَمَا سَبَقَ (ر: ف 24) فِي صِيغَةِ الْحَوَالَةِ عَدَمَ وُجُودِ شَرْطٍ غَيْرِ جَائِزٍ، مِنْ مُبْطِلٍ، كَالتَّعْلِيقِ وَالتَّأْقِيتِ، أَوْ مُفْسِدٍ كَالتَّأْجِيل إِلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ جَهَالَةً فَاحِشَةً.
فَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: (إِنَّ تَعْلِيقَ التَّمْلِيكَاتِ وَالتَّقْيِيدَاتِ لاَ يَجُوزُ، فَالتَّمْلِيكُ، كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ وَإِجَارَةٍ، وَأَمَّا التَّقْيِيدُ فَكَعَزْل الْوَكِيل وَحَجْرِ الْمَأْذُونِ) . (2)
__________
(1) ابن عابدين على الدر المختار 4 / 290. وعلى وزانه يقال - على طريقة أبي يوسف التي آثرناها: - " الشريطة قبول أحدهما في المجلس، ورضا الآخر ولو غائبا " وواضح أنه عندما يقال: قبول في مجلس العقد يكون المفروض سبق الإيجاب فيه نفسه.
(2) جامع الفضولين 2 / 2 والبحر 6 / 241، وستأتي قريبا أمثلة هذه الأنواع من الشروط.

الصفحة 191