كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

الْمُحَال عَلَيْهِ أَوِ الْكَفِيل عَلَى مَدِينٍ لَهُ هُوَ. بَل يَجُوزُ أَيْضًا لِلْمُحَال أَنْ يُحِيل دَائِنَهُ عَلَى الْمُحَال عَلَيْهِ، وَلِلْمَكْفُول لَهُ أَنْ يُحِيل دَائِنَهُ عَلَى الْكَفِيل. (1)
وَهَذَا فِي الأَْصْل مَوْجُودٌ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ، مَعَ زِيَادَةِ تَعَدُّدِ الْمُحَالِينَ مَعَ بَقَاءِ الْمُحَال عَلَيْهِ وَاحِدًا. وَنَصُّ عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ هَكَذَا: (إِذَا أَحَلْتَ زَيْدًا عَلَى عَمْرٍو، ثُمَّ أَحَال عَمْرٌو زَيْدًا عَلَى بَكْرٍ، ثُمَّ أَحَال بَكْرٌ عَلَى آخَرَ، جَازَ. وَقَدْ تَعَدَّدَ الْمُحَال عَلَيْهِمْ وَزَيْدٌ الْمُحَال وَاحِدٌ. وَلَوْ أَحَلْتَ زَيْدًا عَلَى عَمْرٍو، ثُمَّ أَحَال زَيْدٌ بَكْرًا عَلَى عَمْرٍو، ثُمَّ أَحَال بَكْرٌ آخَرَ عَلَى عَمْرٍو جَازَ، وَالتَّعَدُّدُ هَاهُنَا فِي الْمُحْتَالِينَ، وَعَمْرٌو الْمُحَال عَلَيْهِ وَاحِدٌ. وَلَوْ أَحَلْتَ زَيْدًا عَلَى عَمْرٍو، ثُمَّ ثَبَتَ لِعَمْرٍو عَلَيْكَ مِثْل ذَلِكَ الدَّيْنِ فَأَحَال زَيْدًا عَلَيْكَ جَازَ) . (2)

الْجَزَاءُ عَلَى تَخَلُّفِ إِحْدَى شَرَائِطِ الاِنْعِقَادِ (بُطْلاَنُ الْحَوَالَةِ) :
93 - إِذَا عَدِمَتْ شَرَائِطُ انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَالنَّتِيجَةُ الْمُقَرَّرَةُ فِقْهًا هِيَ بُطْلاَنُهَا، أَيْ عَدَمُ انْعِقَادِهَا، جَزَاءً لِمُخَالَفَةِ تِلْكَ الشَّرَائِطِ.
__________
(1) نهاية المحتاج على المنهاج 4 / 417 والمهذب 1 / 342 ومغني المحتاج على المنهاج 2 / 220 والمغني لابن قدامة 5 / 69.
(2) فتح العزيز شرح الوجيز بهامش المجموع 10 / 355.
وَهَذَا مَبْدَأٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ فُقَهَاءِ الشَّرِيعَةِ وَلاَ مَجَال لِلْخِلاَفِ فِيهِ، وَإِلاَّ لَمْ يَبْقَ أَيَّةُ ثَمَرَةٍ لِشَرَائِطِ الاِنْعِقَادِ (وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي الأَْحْكَامِ الْعَامَّةِ لِلتَّعَاقُدِ مِمَّا يُسَمَّى الْيَوْمَ: نَظَرِيَّةَ الْعَقْدِ) .
وَلَكِنْ قَدْ يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ بَعْضِ الشَّرَائِطِ لاِنْعِقَادِ الْحَوَالَةِ، فَمَنْ يَشْتَرِطُ لاِنْعِقَادِ شَرِيطَةٍ مَا، يَحْكُمُ بِبُطْلاَنِ الْحَوَالَةِ عِنْدَ فَقْدِ هَذِهِ الشَّرِيطَةِ، وَيُخَالِفُهُ فِي ذَلِكَ مَنْ لاَ يَشْتَرِطُهَا.
وَمِنَ الْمُقَرَّرِ فِي الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ يَسْتَوِي فِي النَّتِيجَةِ تَخَلُّفُ جَمِيعِ الْمُقَوِّمَاتِ وَشَرَائِطِ الاِنْعِقَادِ وَتَخَلُّفُ بَعْضِهَا فَقَطْ، فَإِنَّ تَخَلُّفَ بَعْضِ الْعَنَاصِرِ الأَْسَاسِيَّةِ، كَتَخَلُّفِ الْكُل مِنْ حَيْثُ النَّتِيجَةُ وَهِيَ الْبُطْلاَنُ.
وَمِنَ الْوَاضِحِ أَنَّهُ حَيْثُمَا يَتَقَرَّرُ بُطْلاَنُ الْحَوَالَةِ فَإِنَّ هَذَا الْبُطْلاَنَ يَسْتَتْبِعُ آثَارًا، إِذْ يَجِبُ فِيهِ عِنْدَئِذٍ نَقْضُ مَا قَدْ تَمَّ تَنْفِيذُهُ مِنَ الْعَقْدِ قَبْل تَقْرِيرِ بُطْلاَنِهِ، ثُمَّ رَدُّ مَا يَسْتَلْزِمُ هَذَا النَّقْضُ رَدَّهُ مِمَّا قُبِضَ دُونَ حَقٍّ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنَ الأَْحْكَامِ الْعَامَّةِ فِي التَّعَاقُدِ.
وَسَيَأْتِي فِي آثَارِ الْحَوَالَةِ وَالأَْحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا أَنَّ الْحَوَالَةَ الصَّحِيحَةَ الَّتِي نَفَذَتْ بِدَفْعِ الْمُحَال عَلَيْهِ إِلَى الْمُحَال دَيْنَ الْحَوَالَةِ يَتَرَتَّبُ فِيهَا لِلْمُحَال عَلَيْهِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيل.
غَيْرَ أَنَّهُمْ فِي الْحَوَالَةِ الْبَاطِلَةِ أَوِ الْفَاسِدَةِ قَدْ أَعْطَوُا الْمُحَال عَلَيْهِ الْخِيَارَ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيل

الصفحة 211