كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

فَالَّذِي يَبْدُو أَنَّ هَذَا لاَ يُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. أَمَّا جَعْلُهُ أَمْرًا جَائِزًا بِطَرِيقِ الْعِدَةِ، فَهَذَا وَمَا إِلَيْهِ مِمَّا يَجِيءُ فِيهِ الْخِلاَفُ فِي لُزُومِ الْوَعْدِ وَعَدَمِ لُزُومِهِ.

النَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الشُّرُوطِ الْمُلْحَقَةِ: شُرُوطٌ صَحِيحَةٌ:
105 - (1) وَذَلِكَ كَاشْتِرَاطِ الْمُحَال أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُحَال عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ رَهْنًا أَوْ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا.
(2) أَوِ اشْتِرَاطُ الْمُحَال عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْمُحَال عَلَى الأَْصِيل مُؤَجَّلاً عَلَيْهِ هُوَ.
(3) أَوْ أَنْ يُشْتَرَطَ لأَِحَدِ الأَْطْرَافِ الْخِيَارُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ مُدَّةً مَا مَعْلُومَةً عَلَى مَا سَلَفَ (ر: ف 101)
فَإِنَّ هَذِهِ مَصَالِحُ لاَ رَيْبَ فِيهَا، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حَظْرٌ شَرْعِيٌّ - إِذَا كَانَتِ الْمُعَامَلَةُ فِي الْمِثَالَيْنِ الأَْخِيرَيْنِ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيل الصَّرْفِ - فَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الشُّرُوطِ لَوْ أَنَّ الْعَاقِدَ شَرَطَهَا فِي أَثْنَاءِ الْعَقْدِ لَصَحَّتْ وَتَمَّ الْعَقْدُ عَلَى وَفْقِ أَغْرَاضِهِ الصَّحِيحَةِ تِلْكَ، إِذْ هِيَ بَيْنَ شَرْطٍ مُلاَئِمٍ لِعَقْدِ الْحَوَالَةِ، أَوْ مَأْذُونٍ فِيهِ بِتَرْخِيصِ الشَّارِعِ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ نَفْسِهِ - فَلَوْ نَسِيَ اشْتِرَاطَ شَيْءٍ مِنْهَا فِي أَثْنَاءِ الْعَقْدِ فَاتَّفَقَا عَلَى إِلْحَاقِهِ جَازَ إِلْحَاقًا، كَمَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُعْتَبَرُ اشْتِرَاطُ يَسَارِ الْمُحَال عَلَيْهِ مِنْ
مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ، بِدَلِيل الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيل إِذَا تَوِيَ الدَّيْنُ. حَتَّى إِنَّهُ لَوْ فَاتَهُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَأْسٍ فِي أَنْ يَتَدَارَكَ، وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ مَدِيدَةٍ، وَهْم قَدْ صَرَّحُوا بِمِثْل ذَلِكَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ الْمُتَعَلِّقِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ، وَنَصُّ عِبَارَتِهِمْ: (لَوْ قَال أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْبَيْعِ، وَلَوْ بِأَيَّامٍ: جَعَلْتُكَ بِالْخِيَارِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ صَحَّ إِجْمَاعًا) ، (1) وَمَجَال التَّيْسِيرِ فِي الْحَوَالَةِ أَوْسَعُ مِنْهُ فِي الْبَيْعِ.
وَلاَ خَفَاءَ فِي هَذَا بِنَاءً عَلَى قَوْل اللَّحَاقِ بِالْعَقْدِ فِي الشُّرُوطِ الْمُتَرَاخِيَةِ عَنْهُ، أَمَّا عَلَى الْقَوْل الْمُقَابِل، فَلاَ يَسْتَقِيمُ.
105 م - أَمَّا الشَّرْطُ الْفَاسِدُ أَوِ الصَّحِيحُ فِي نَفْسِهِ، مِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَفِيهَا التَّفْصِيل التَّالِي:
(أ) إِنَّ اشْتِرَاطَ عَدَمِ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيل، إِذَا تَوِيَ الْمَال عَلَى الْمُحَال عَلَيْهِ، لَيْسَ مُخَالِفًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ، حَتَّى يَكُونَ فَاسِدًا، بَل هُوَ اشْتِرَاطُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَأَحَدُ لَوَازِمِهِ غَيْرِ الْمُنْفَكَّةِ عِنْدَ كَثِيرِينَ، بِحَيْثُ لَوْ شُرِطَ خِلاَفُهُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ لَخَرَجَ الْعَقْدُ عَنْ أَنْ يَكُونَ حَوَالَةً حَقِيقِيَّةً أَوْ لَبَطُل، وَالْبُطْلاَنُ حِينَئِذٍ هُوَ مُخْتَارُ الشَّافِعِيَّةِ. (ر: ف 31 و 156) وَإِنْ كَانَ الَّذِي حَكَاهُ الْبَاجِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ عَنْ سَحْنُونٍ صِحَّةَ الشَّرْطِ، وَلَعَلَّهُ أَحَدُ الأَْوْجُهِ الَّتِي
__________
(1) ابن عابدين على الدر 4 / 47، 121، والبحر 6 / 267.

الصفحة 218