كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

يُتَعَلَّقُ بِهِ لِدَفْعِ الْمُطَالَبَةِ قَبْل حُلُول الدَّيْنِ، وَاسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ، أَوْ عَدَمِ تَقَوُّمِهِ، لِدَفْعِ الْمُطَالَبَةِ بِثَمَنِهِ، وَسَبَقَ الْوَفَاءُ أَوِ التَّقَاصُّ، لِدَفْعِ دَعْوَى بَقَاءِ الذِّمَّةِ مَشْغُولَةً، وَهَذِهِ حَيْثُ لاَ مَانِعَ تَنْسَحِبُ عَلَى الدَّيْنِ فِي مَحَلِّهِ الْجَدِيدِ. وَلاَ يَنْتَقِل مُجَرَّدًا عَنْهَا، إِذْ يَكُونُ لِلْمُحَال عَلَيْهِ التَّمَسُّكُ بِهَا، كَمَا كَانَ هَذَا التَّمَسُّكُ لِلْمُحِيل، وَمَا يَزَال، فَيُمْكِنُ الْقَوْل: إِنَّ الدَّيْنَ يَنْتَقِل بِهَذَا النَّوْعِ مِنَ الضَّمَانَاتِ، لأَِنَّهَا تُسْنَدُ إِلَى مَدْيُونِيَّةِ الْمُحِيل الَّتِي هِيَ أَسَاسُ الْحَوَالَةِ، وَإِنْ بَقِيَتْ أَيْضًا فِي مَحَلِّهِ الأَْوَّل، فَهِيَ مِنَ الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ.
إِلاَّ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلاَمِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمُحَال عَلَيْهِ لاَ يَتَوَلَّى الدَّفْعَ بِغَيْرِ الأَْجَل مِمَّا ذُكِرَ إِلاَّ نِيَابَةً عَنِ الأَْصِيل، فَمَا لَمْ تَثْبُتْ تِلْكَ النِّيَابَةُ، بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ، لاَ يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ. (1) لَكِنْ فِي حَالَةِ غَيْبَةِ الأَْصِيل لَهُ التَّعَلُّقُ بِهَذِهِ الدُّفُوعِ دُونَ نِيَابَةٍ، وَلِذَا جَاءَ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ: (غَابَ الْمُحِيل، وَزَعَمَ الْمُحَال عَلَيْهِ أَنَّ مَال الْمُحَال عَلَى الْمُحِيل كَانَ ثَمَنَ خَمْرٍ) لاَ تَصِحُّ دَعْوَاهُ، وَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا فِي الْكَفَالَةِ. وَلَوْ أَحَال امْرَأَتَهُ بِصَدَاقِهَا عَلَى رَجُلٍ، وَقَبِل الْحَوَالَةَ، ثُمَّ غَابَ الزَّوْجُ، فَأَقَامَ الْمُحَال عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ نِكَاحَهَا كَانَ فَاسِدًا، وَبَيَّنَ لِذَلِكَ وَجْهًا، لاَ تُقْبَل بَيِّنَتُهُ، وَلَوِ
__________
(1) نصت المجلة في المادة 697 على أن الحوالة إذا كانت مبهمة من حيث التعجيل والتأجيل تتبع في ذلك الدين الأصلي.
ادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا عَنْ صَدَاقِهَا، أَوْ أَنَّ الزَّوْجَ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ، أَوْ بَاعَ بِصَدَاقِهَا مِنْهَا شَيْئًا وَقَبَضَتْهُ، قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ غَيْرَ مَقْبُوضٍ لاَ تُقْبَل بَيِّنَتُهُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ مُدَّعِيَ فَسَادِ النِّكَاحِ مُتَنَاقِضٌ، أَوْ لأَِنَّهُ يَدَّعِي أَمْرًا مُسْتَنْكَرًا فَلاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، بِخِلاَفِ دَعْوَى الإِْبْرَاءِ أَوِ الْبَيْعِ - أَيْ بَيْعِ الزَّوْجِ لاِمْرَأَتِهِ شَيْئًا بِصَدَاقِهَا - لأَِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ، وَكَذَا فِي الْكَفَالَةِ. فَعَلَى هَذَا لَوِ ادَّعَى الْمُحِيل أَنَّهُ أَوْفَاهُ الدَّيْنَ بَعْدَهَا تُسْمَعُ وَتُقْبَل بَيِّنَتُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ (1)
وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ النَّوْعِيَّةِ مِنَ الضَّمَانِ فِي الْحُكْمِ هُوَ الاِتِّجَاهُ الْغَالِبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَخَالَفَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ - عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ قَائِلٌ كَأَبِي يُوسُفَ بِانْتِقَال الدَّيْنِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحَال عَلَيْهِ لاَ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ - لأَِنَّهُ يَرَى أَنَّ النَّوْعَ الأَْوَّل مِنَ الضَّمَانَاتِ يَنْتَقِل أَيْضًا مَعَ الدَّيْنِ، وَيَكُونُ وَثِيقَةً بِهِ فِي مَحَلِّهِ الْجَدِيدِ، لاَ تَنْفَكُّ إِلاَّ بِسُقُوطِهِ وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْهُ.

3 - أَثَرُ الْحَوَالَةِ فِي عَلاَقَةِ الْمُحِيل وَالْمُحَال عَلَيْهِ:
أ - حَقُّ الْمُحَال عَلَيْهِ فِي مُلاَزَمَةِ الْمُحِيل:
119 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ مُلاَزَمَةَ الْمُحَال عَلَيْهِ لِلْمُحِيل خَاصَّةً بِالْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ. أَمَّا مُلاَزَمَةُ
__________
(1) البحر 6 / 271.

الصفحة 225