كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
ج - حَقُّ الْمُحِيل فِي مُطَالَبَةِ الْمُحَال عَلَيْهِ:
125 - يُقَرِّرُ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْمُحَال عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَدِينًا لِلْمُحِيل أَوْ عِنْدَهُ لَهُ عَيْنٌ، وَإِمَّا أَنْ لاَ يَكُونَ:
(أ) فَإِنْ كَانَ: طُولِبَ بَعْدَ الْحَوَالَةِ بِدَيْنَيْنِ، أَوْ دَيْنٍ وَعَيْنٍ.
1 - دَيْنُ الْحَوَالَةِ الَّذِي الْتَزَمَهُ بِمُقْتَضَاهَا وَنَشَأَ مَعَهُ لِلْمُحَال حَقُّ مُطَالَبَةٍ لَمْ تَكُنْ.
2 - وَدَيْنُ الْمُحِيل الْقَائِمُ بِذِمَّتِهِ مِنْ قَبْل، أَوْ مَالُهُ الَّذِي عِنْدَهُ، مُقْتَرِنًا بِحَقِّ مُطَالَبَةٍ قَدِيمَةٍ، فَإِنَّ هَذَا الْحَقَّ الْقَدِيمَ لاَ يَنْقَطِعُ بِسَبَبِ الْحَوَالَةِ، لأَِنَّهَا لَمْ تُقَيَّدْ بِالدَّيْنِ السَّابِقِ وَلاَ بِالْعَيْنِ فَبَقِيَا كَمَا كَانَا بِحُقُوقِهِمَا كَامِلَةً، وَمِنْهَا حَقُّ الْمُحِيل فِي مُطَالَبَتِهِ وَالْقَبْضِ مِنْهُ.
وَيَظَل الْمُحَال عَلَيْهِ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى الْمُحَال، فَإِذَا أَدَّى سَقَطَ مَا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ لَكِنَّهَا مُقَاصَّةُ دَيْنٍ لِلْمُحَال عَلَيْهِ بِعَيْنٍ لِلْمُحِيل فَتَتَوَقَّفُ عَلَى التَّرَاضِي.
(ب) وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيل عِنْدَهُ شَيْءٌ، فَإِنَّمَا يُطَالَبُ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ دَيْنُ الْحَوَالَةِ لاَ غَيْرَهُ، ثُمَّ إِذَا أَدَّاهُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيل إِنْ كَانَتِ الْحَوَالَةُ بِرِضَاهُ، وَإِلاَّ فَلاَ رُجُوعَ عَلَيْهِ. (1)
__________
(1) ابن عابدين على الدر 4 / 294، وحواشي البحر 6 / 274، والأشباه والنظائر بحاشية الحموي 1 / 49.
وَالطَّالِبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ الْمُحَال وَحْدَهُ، إِلاَّ أَنَّهُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُؤَجَّلَةِ لاَ تُسْتَحَقُّ مُطَالَبَتُهُ أَثْنَاءَ الأَْجَل، فَهِيَ إِذَنْ لاَ تَحِل عَلَيْهِ إِلاَّ بِمَوْتِهِ هُوَ، لاَ بِمَوْتِ الْمُحِيل - وَإِنْ كَانَ تَأْجِيلُهُ تَابِعًا لِتَأْجِيل الْمُحِيل - لأَِنَّ حُلُول الأَْجَل فِي حَقِّ الأَْصِيل، إِنَّمَا هُوَ لاِسْتِغْنَائِهِ عَنِ الأَْجَل بِمَوْتِهِ، فَإِذَا مَاتَ هُوَ فَإِنَّ الْمُحَال عَلَيْهِ مَا زَال عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ، وَفِي حَاجَةٍ إِلَى الأَْجَل، فَلاَ وَجْهَ لِحُلُولِهِ عَلَيْهِ بِحُلُولِهِ عَلَى الأَْصِيل، لأَِنَّ الأَْصِيل بَرِئَ عَنِ الدَّيْنِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَالْتَحَقَ بِالأَْجَانِبِ.
وَبَقَاءُ الْمُحِيل عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ لاَ يُؤَثِّرُ فِي حُلُول الأَْجَل عَلَى الْمُحَال عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ هُوَ، لأَِنَّهُ اسْتَغْنَى عَنِ الأَْجَل بِمَوْتِهِ، ثُمَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي تَرِكَتِهِ وَفَاءٌ بِدَيْنِ الْحَوَالَةِ، اسْتَحَقَّ الطَّالِبُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيل إِلَى أَجَلِهِ الأَْصْلِيِّ، لأَِنَّ هَذَا الأَْجَل لَمْ يَكُنْ سَقَطَ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا سَقَطَ فِي ضِمْنِ الْحَوَالَةِ حُكْمًا، وَقَدِ انْتُقِضَتِ الْحَوَالَةُ بِمَوْتِ الْمُحَال عَلَيْهِ مُفْلِسًا فَيُنْتَقَضُ مَا تَضَمَّنَتْهُ، أَعْنِي سُقُوطَ الأَْجَل. نَظِيرُهُ: مَا لَوْ أَنَّ الْمَدِينَ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ بَاعَ بِهِ سِلْعَةً مِنْ دَائِنِهِ ثُمَّ اسْتُحِقَّتِ السِّلْعَةُ، فَإِنَّ الأَْجَل يَعُودُ، لأَِنَّ سُقُوطَهُ إِنَّمَا كَانَ بِحُكْمِ الْبَيْعِ، وَقَدِ انْتُقِضَ الْبَيْعُ.
نَعَمْ إِنْ كَانَ الأَْجَل بَاقِيًا لَكِنْ الْمُحَال عَلَيْهِ نَزَل عَنْهُ فَذَاكَ، إِذْ الأَْجَل حَقُّهُ فَيَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ. (نَظِيرُهُ مَا لَوْ أَسْقَطَ الأَْصِيل الأَْجَل قَبْل الْحَوَالَةِ) ثُمَّ إِنْ أَدَّى قَبْل الْمَوْعِدِ الأَْصْلِيِّ لِحُلُول الأَْجَل
الصفحة 228