كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
الْمَشْرُوطُ. قَال ابْنُ الْمَوَّازِ: هَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ، وَهُوَ قَوْل أَصْحَابِ مَالِكٍ كُلِّهِمْ.
يَرَى ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْحَوَالَةَ مَعْرُوفٌ، وَأَنَّهَا لاَ تَبْطُل بِتَبَيُّنِ أَنْ لاَ دَيْنَ عَلَى الْمُحَال عَلَيْهِ، وَيَرْجِعُ بَعْدَ أَدَائِهِ عَلَى الْمُحِيل. وَعَلَّل الْبَاجِيُّ تَعْلِيل كِلاَ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَهُمْ. (1)
أَمَّا تَعْلِيل قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ الْبُطْلاَنِ فَهُوَ أَنَّ الْحَوَالَةَ عَقْدٌ لاَزِمٌ، فَلاَ يَنْتَقِصُ فِي حَقِّ الْمُحَال بِاسْتِحْقَاقِ سِلْعَةٍ لَمْ يُعَاوِضْ هُوَ عَلَيْهَا بِدَيْنِ الْحَوَالَةِ سَوَاءٌ قَبَضَهُ أَمْ لَمْ يَقْبِضْهُ بَعْدُ.
ج - ارْتِفَاعُ الْمَال الْمُحَال بِهِ عُرُوضًا:
145 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا أَحَال الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى ثَالِثٍ، حَوَالَةً مُقَيَّدَةً (أَوْ مُطْلَقَةً) ، ثُمَّ هَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْل تَسْلِيمِهِ إِلَى الْمُشْتَرِي أَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بَعْدَ التَّسْلِيمِ، تَبْطُل الْحَوَالَةُ، لأَِنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُحِيل وَهُوَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ مَدِينٍ (2)
__________
(1) فتاوى التقي السبكي 1 / 349، ونهاية المحتاج 4 / 418، الإنصاف 5 / 229، والمنتقى على الموطأ 5 / 67 - 68، مطالب أولي النهى 3 / 329. ولا ريبة في وضوح النهج الذي سلكه أشهب. وليس يضيره أن تكون طبيعة عقد الحوالة اللزوم، فإن ذلك إنما هو حين تصادف محلها الصالح لها وتستوفي شرائط الصحة.
(2) البحر 6 / 275، وابن عابدين 4 / 294.
د - ارْتِفَاعُ الْمَال الْمُحَال عَلَيْهِ عُرُوضًا:
146 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمَال الْمُحَال عَلَيْهِ إِذَا كَانَ ثَابِتًا ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الاِرْتِفَاعُ لَهُ ثَلاَثُ حَالاَتٍ.
(الْحَالَةُ الأُْولَى) - ارْتِفَاعُ الْمُحَال عَلَيْهِ عُرُوضًا فِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ:
147 - إِذَا كَانَ لِلْمُحِيل مَالٌ عِنْدَ الْمُحَال عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الْحَوَالَةَ صَدَرَتْ مُطْلَقَةً لَمْ يُقَيَّدْ فِيهَا الْوَفَاءُ بِذَلِكَ الْمَال، فَإِنَّ هَذِهِ الْحَوَالَةَ الْمُطْلَقَةَ لاَ تَبْطُل بِفَوَاتِ الْمَال الَّذِي لِلْمُحِيل عِنْدَ الْمُحَال عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِخُلُوِّ يَدِهِ مِنَ الْعَيْنِ الَّتِي كَانَتْ لَهُ عِنْدَهُ بِهَلاَكٍ، أَمْ كَانَ بِاسْتِرْدَادِ الْمُحِيل مَالَهُ مِنَ الْمُحَال عَلَيْهِ، إِذْ إِنَّ حَقَّ الطَّالِبِ إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْمُحَال عَلَيْهِ، لاَ بِشَيْءٍ، عِنْدَهُ أَوْ عَلَيْهِ، وَفِي الذِّمَّةِ سَعَةٌ. فَلِلْمُحِيل أَنْ يُطَالِبَ الْمُحَال عَلَيْهِ بِمَا لَهُ عِنْدَهُ، كَمَا أَنَّ لِلْمُحَال أَنْ يُطَالِبَهُ بِدَيْنِ الْحَوَالَةِ. فَإِذَا أَدَّى هَذَا الدَّيْنَ الأَْخِيرَ، سَقَطَ عَنْهُ الدَّيْنُ الأَْوَّل بِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ بَيْنَ دَيْنِ الْحَوَالَةِ الَّذِي أَدَّاهُ وَدَيْنِ الْمُحِيل.
وَقَدْ سُئِل ابْنُ نُجَيْمٍ عَنْ مَدِينٍ بَاعَ دَائِنَهُ شَيْئًا بِمِثْل دَيْنِهِ، ثُمَّ أَحَال عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ أَوْ بِنَظِيرِهِ، هَل تَصِحُّ الْحَوَالَةُ؟ فَأَجَابَ: (إِنْ وَقَعَتْ بِنَظِيرِ الثَّمَنِ صَحَّتْ، لأَِنَّهَا لَمْ تُقَيَّدْ بِالثَّمَنِ - وَلاَ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا دَيْنٌ عَلَى الْمُحَال عَلَيْهِ - وَإِنْ وَقَعَتْ بِالثَّمَنِ فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِالدَّيْنِ، وَهُوَ مُسْتَحَقٌّ
الصفحة 236