كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
(2) الْمُحِيل الَّذِي يَكْتُمُ إِفْلاَسَ الْمُحَال عَلَيْهِ كَالْبَائِعِ يُدَلِّسُ عَيْبَ الْمَبِيعِ، فَيَجِبُ أَنْ تَقَعَ الْمَسْئُولِيَّةُ عَلَى الْمُدَلِّسِ، وَلاَ تَقْتَصِرَ عَلَى الْمُفْلِسِ. هَكَذَا يَقُول الْمَالِكِيَّةُ، وَإِنَّمَا خَصُّوا بِالذِّكْرِ فِي قِيَاسِهِمْ حَالَةَ التَّدْلِيسِ مِنْ حَالاَتِ الرَّدِّ بِعَيْبِ الْمَبِيعِ، مَعَ أَنَّهُ عَامٌّ سَوَاءٌ أَدَلَّسَ الْبَائِعُ أَمْ لَمْ يُدَلِّسْ، لأَِنَّ لِلذِّمَمِ خَفَاءً وَسَرِيَّةً لاَ تُعْلَمُ، فَصَارَتْ أَشْبَهَ بِالْمَبِيعِ الَّذِي يُجْهَل بَاطِنُهُ، وَهَذَا لاَ رَدَّ بِعَيْبِهِ عِنْدَهُمْ إِلاَّ عَنْ تَدْلِيسٍ. (1)
أَسْبَابُ التَّوَى:
163 - لِلتَّوَى - فِي الْحَوَالَةِ بِنَوْعَيْهَا الْمُطْلَقَةِ وَالْمُقَيَّدَةِ - سَبَبَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَثَلاَثَةُ أَسْبَابٍ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ. وَتَنْفَرِدُ الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِسَبَبٍ مُسْتَقِلٍّ، فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الأَْسْبَابِ أَرْبَعَةً فِي الْجُمْلَةِ. (2)
(أَوَّلاً) مَوْتُ الْمُحَال عَلَيْهِ مُفْلِسًا قَبْل الأَْدَاءِ.
(ثَانِيًا) جَحْدُ الْمُحَال عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ وَلاَ بَيِّنَةَ.
(ثَالِثًا) تَفْلِيسُ الْقَاضِي لِلْمُحَال عَلَيْهِ.
(رَابِعًا) تَلَفُ الأَْمَانَةِ الَّتِي قُيِّدَتْ بِهَا الْحَوَالَةُ، أَوْ ضَيَاعُهَا.
أَوَّلاً - مَوْتُ الْمُحَال عَلَيْهِ مُفْلِسًا قَبْل الأَْدَاءِ:
164 - وَذَلِكَ بِأَنْ لاَ يَتْرُكَ مَا يَقْضِي مِنْهُ دَيْنَ
__________
(1) المنتقى للباجي على الموطأ 5 / 68.
(2) هذه هي أسباب التوى الذي هو إحدى نهايات الحوالة، أما مطلق التوى فأسبابه لا تحصر.
الْمُحَال، وَلاَ كَفِيلاً بِهِ.
أَمَّا إِذَا تَرَكَ مَا يُقْضَى مِنْهُ دَيْنُ الْمُحَال - مَهْمَا كَانَ مَا تَرَكَهُ، وَلَوْ دَيْنًا فِي ذِمَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ - فَإِنَّهُ لاَ يَتَحَقَّقُ إِفْلاَسُهُ، وَلاَ يُمْكِنُ حِينَئِذٍ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيل، مَهْمَا تَكُنِ الأَْسْبَابُ وَالْمَعَاذِيرُ. حَتَّى إِنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُحَال عَلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مَلِيئًا وَلَهُ دَيْنٌ سَيُفْضِي انْتِظَارُ قِسْمَتِهِ إِلَى تَأْخِيرِ أَدَاءِ الْحَوَالَةِ لِمَا بَعْدَ الأَْجَل لاَ يَكُونُ لِلطَّالِبِ أَنْ يَتَعَلَّل بِذَلِكَ لِيَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيل، لِبَقَاءِ الْحَوَالَةِ، إِذِ التَّرِكَةُ خَلَفٌ عَنْ صَاحِبِهَا فِي الْمَقْصُودِ هُنَا، وَهُوَ قَضَاءُ الدَّيْنِ.
فَإِنْ كَانَ مَا تَرَكَهُ الْمُحَال عَلَيْهِ لاَ يَفِي إِلاَّ بِبَعْضِ دَيْنِ الْمُحَال، فَلاَ إِفْلاَسَ وَلاَ تَوَى إِلاَّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِيهِ. وَلِذَا يَقُولُونَ: (إِذَا مَاتَ الْمُحَال عَلَيْهِ مَدْيُونًا، قُسِمَ مَالُهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَبَيْنَ الْمُحَال بِالْحِصَصِ، وَمَا بَقِيَ لَهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُحِيل) . (1)
165 - كَذَلِكَ إِذَا تَرَكَ كَفِيلاً بِدَيْنِ الْحَوَالَةِ، لاَ يُعَدُّ مُفْلِسًا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ - لأَِنَّ الْكَفِيل قَائِمٌ
__________
(1) ابن عابدين على الدر المختار 4 / 292، والمبسوط للسرخسي 20 / 72 وأطلق السرخسي انفساخ الحوالة بموت المحال عليه مفلسا، فشمل ذلك موت المحال عليه الأول والثاني فلما تنفسخ الحوالة الواحدة بموت المحال عليه مفلسا، تنفسخ الحوالة الثانية بموت المحال عليه الثاني مفلسا (في صورة الأداء الحكمي بطريق ال
الصفحة 243