كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

مَقَامَ الأَْصِيل، وَخَلَفٌ عَنْهُ - إِلاَّ أَنْ يَمُوتَ الْكَفِيل أَيْضًا مُفْلِسًا، أَوْ يُبَرِّئَهُ الْمُحَال - لأَِنَّ هَذَا الإِْبْرَاءَ كَالْفَسْخِ لِلْكَفَالَةِ مَعْنًى - وَهَذَا وَهُوَ الَّذِي عَنَاهُ صَاحِبُ الْخُلاَصَةِ، حِينَ قَال: (إِنَّ الْمُحَال لَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيل بَعْدَ مَوْتِ الْمُحَال عَلَيْهِ، فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِدَيْنِهِ عَلَى الْمُحِيل) . (1)
هَذَا، وَفِي حَالَةِ الْكَفَالَةِ بِبَعْضِ الدَّيْنِ يَكُونُ التَّوَى بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِيهِ لاَ غَيْرُ.
166 - وَلِهَذَا وَذَاكَ يَقُول فِي " الْبَزَّازِيَّةِ ": أَخَذَ الْمُحَال مِنَ الْمُحَال عَلَيْهِ بِالْمَال كَفِيلاً، ثُمَّ مَاتَ الْمُحَال عَلَيْهِ مُفْلِسًا، لاَ يَعُودُ الدَّيْنُ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحِيل، سَوَاءٌ كَفَل بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الْكَفَالَةُ حَالَّةً أَمْ مُؤَجَّلَةً، أَمْ كَفَل حَالًّا ثُمَّ أَجَّلَهُ الْمَكْفُول لَهُ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ - أَيْ بِالْمَال - كَفِيلٌ، وَلَكِنْ تَبَرَّعَ رَجُلٌ وَرَهَنَ بِهِ رَهْنًا، ثُمَّ مَاتَ الْمُحَال عَلَيْهِ مُفْلِسًا، عَادَ الدَّيْنُ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحِيل، وَلَوْ كَانَ الْمُحَال مُسَلَّطًا عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ فَبَاعَهُ، وَلَمْ يَقْبِضِ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ الْمُحَال عَلَيْهِ مُفْلِسًا، بَطَلَتِ الْحَوَالَةُ، وَالثَّمَنُ لِصَاحِبِ الرَّهْنِ. (2)

ثَانِيًا - جَحْدُ الْمُحَال عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ، وَلاَ بَيِّنَةَ: (3)
167 - إِذَا جَحَدَ الْمُحَال عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ، وَلاَ بَيِّنَةَ
__________
(1) الزيلعي على الكنز 4 / 173، والبحر 6 / 273، وابن عابدين 4 / 292 وغيرها.
(2) البحر 6 / 273.
(3) انظر ما أسلفناه في الفقرة / 67 لمعرفة رأي غير الحنفية.
عَلَيْهَا، فَقَدْ تَحَقَّقَ التَّوَى بِهَذَا السَّبَبِ. فَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يَقْبَل هَذَا الْجَحْدَ مَعَ وُجُودِ بَيِّنَةٍ عَلَى الْحَوَالَةِ، سَوَاءٌ أَقَامَهَا الْمُحَال أَمِ الْمُحِيل. فَإِذَا لَمْ تَكُنْ لأَِحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ عَلَى الْحَوَالَةِ يَحْلِفُ الْمُحَال عَلَيْهِ الْيَمِينَ: أَنْ لاَ حَوَالَةَ عَلَيْهِ، وَفْقًا لِلْقَاعِدَةِ الْقَائِلَةِ: " الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ".
فَإِذَا قَبِل مِنَ الْمُحَال عَلَيْهِ جَحْدَهُ هَذَا وَقَضَى بِمَنْعِ الْمُحَال عَنْهُ فَقَدْ تَحَقَّقَ عَجْزُ الْمُحَال عَنِ الْوُصُول إِلَى الْحَقِّ، أَيْ أَنَّهُ تَوَى. (1)
ثُمَّ إِذَا أَرَادَ الْمُحَال الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيل بِحُجَّةِ التَّوَى بِسَبَبِ هَذَا الْجَحْدِ لاَ يَثْبُتُ الْجَحْدُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمُحَال لأَِجْل الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيل، كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، بَل لاَ بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْجَحْدِ بِالْبَيِّنَةِ.
عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ لاَ يُمْكِنُ الْقَضَاءُ بِمُقْتَضَاهَا إِلاَّ بِحُضُورِ الْمُحَال عَلَيْهِ، إِذْ لاَ يُمْكِنُ الْقَضَاءُ عَلَى غَائِبٍ، لَكِنِ الْمُحَال يَكْفِي مَئُونَةَ هَذَا الْقَضَاءِ إِذَا صَدَّقَهُ الْمُحِيل فِي دَعْوَى الْجَحْدِ، فَيَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ. (2)
__________
(1) الزيلعي على الكنز 4 / 172.
(2) البحر 6 / 272.

الصفحة 244