كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
الْمَحَل الثَّانِي، فَلَمَّا انْتَفَتِ الشَّرِيطَةُ انْتَفَى الْمَشْرُوطُ، وَعَادَ الدَّيْنُ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحِيل كَمَا كَانَ. وَإِذَنْ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ لِلْمُحَال جَمِيعُ حُقُوقِ الدَّائِنِينَ تُجَاهَ مَدِينِهِمْ، كَالْمُطَالَبَةِ وَالْمُقَاضَاةِ.
نَعَمْ لاَ رُجُوعَ عَلَى الْمُحَال عَلَيْهِ إِذَا هُوَ أَحَال الطَّالِبَ عَلَى الْمُحَال نَفْسِهِ، فَتَوِيَ الْمَال عِنْدَهُ - وَإِنْ كَانَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ (أَيْ عَلَى الْمُحَال عَلَيْهِ) حِينَئِذٍ أَنَّهُ مَحَلٌّ تَوِيَ مَال حَوَالَتِهِ -
وَفِي عَقْدِ الْحَوَالَةِ إِذَا اشْتُرِطَتْ بَرَاءَةُ الأَْصِيل صَرَاحَةً - رَغْمَ أَنَّ مُقْتَضَاهَا هَذِهِ الْبَرَاءَةَ دُونَ شَرْطٍ - هَل يَرْجِعُ الْمُحَال عَلَى الْمُحِيل فِي حَالَةِ التَّوَى؟ إِنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهَا حَوَالَةً أَنْ تَثْبُتَ أَحْكَامُ الْحَوَالَةِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيل بِسَبَبِ التَّوَى، وَمُقْتَضَى شَرْطِ الْبَرَاءَةِ صَرَاحَةً عَدَمُ هَذَا الرُّجُوعِ، لَكِنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى ثُبُوتِ حَقِّ الرُّجُوعِ بِالتَّوَى فَي هَذِهِ الْحَالَةَ. (1)
وَهْم يَخْتَلِفُونَ فِي كَيْفِيَّةِ عَوْدِ الدَّيْنِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحِيل حِينَئِذٍ:
(1) فَمِنْ قَائِلٍ إِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ طَرِيقَ الْفَسْخِ: أَيْ أَنَّ الْمُحَال هُوَ الَّذِي يَفْسَخُ الْحَوَالَةَ مَتَى تَحَقَّقَ
__________
(1) تح القدير على الهداية 5 5 ? / 488، والبحر 6 / 269، والمبسوط للسرخسي 20 / 46، فكأنهم حملوها على البراءة المؤقتة مع أن هذه قد لا تكون مقصود الدائن، وقد نص في الخانية على أنه لا رجوع هنا بعد الأداء (الخانية بهامش الفتاوى الهندية 3 / 75) يعني لا رجوع للمحال عليه على المدين إلا أن كلامه في الحوالة المعقودة بين الدائن والمحال عليه دون إذن المدين.
سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ التَّوَى، وَمِنْ ثَمَّ يُعَادُ الدَّيْنُ عَلَى الْمُحِيل، كَالْمُشْتَرِي إِذَا وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا، لِفَوَاتِ وَصْفِ السَّلاَمَةِ الْمَشْرُوطِ عُرْفًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
(2) وَمِنْ قَائِلٍ: بَل عَنْ طَرِيقِ الاِنْفِسَاخِ التِّلْقَائِيِّ: دُونَ حَاجَةٍ إِلَى تَدَخُّل الْمُحَال، نَظِيرُ الْبَيْعِ إِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْل قَبْضِهِ، فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ دُونَ تَدَخُّلٍ مِنْ أَحَدٍ، لِفَوَاتِ وَصْفِ السَّلاَمَةِ، وَيَعُودُ حَقُّ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ، فَكَذَلِكَ هُنَا - بِنَفْسِ الْعِلَّةِ - تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ تِلْقَائِيًّا عِنْدَ التَّوَى، وَيَعُودُ الدَّيْنُ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحِيل.
(3) وَمِنْ قَائِلٍ: إِنْ كَانَ السَّبَبُ هُوَ الْجُحُودَ فَالطَّرِيقُ هُوَ الْفَسْخُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَوْتَ عَنْ إِفْلاَسٍ فَالطَّرِيقُ هُوَ الاِنْفِسَاخُ. (1)
وَلاَ يَخْفَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الاِخْتِلاَفِ مِنْ آثَارٍ عَمَلِيَّةٍ.
حَوْزٌ
ر: أَرْضُ الْحَوْزِ.
__________
(1) فتح القدير على الهداية 5 / 448.
الصفحة 246