كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)
أَوَّل الْحَوْل وَفِي آخِرِهِ، حَتَّى لَوِ انْتَقَصَ النِّصَابُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْل ثُمَّ كَمُل فِي آخِرِهِ تَجِبُ الزَّكَاةُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنَ السَّوَائِمِ أَوْ مِنَ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، أَوْ مَال التِّجَارَةِ. أَمَّا إِذَا هَلَكَ كُلُّهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْل، يَنْقَطِعُ الْحَوْل عِنْدَ الْجَمِيعِ. (1)
اسْتِبْدَال مَال الزَّكَاةِ فِي الْحَوْل بِمِثْلِهِ:
5 - إِذَا بَاعَ نِصَابًا لِلزَّكَاةِ مِمَّا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْل بِجِنْسِهِ كَالإِْبِل بِالإِْبِل، أَوِ الْبَقَرِ بِالْبَقَرِ، أَوِ الْغَنَمِ بِالْغَنَمِ، أَوِ الثَّمَنِ بِالثَّمَنِ لَمْ يَنْقَطِعِ الْحَوْل، وَبَنَى حَوْل الثَّانِي عَلَى حَوْل الأَْوَّل، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (2) وَقَالُوا: إِنَّهُ نِصَابٌ يُضَمُّ إِلَيْهِ نَمَاؤُهُ فِي الْحَوْل، فَيُبْنَى حَوْل بَدَلِهِ مِنْ جِنْسِهِ عَلَى حَوْلِهِ كَالْعُرُوضِ، وَحَدِيثُ: لاَ زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُول عَلَيْهِ الْحَوْل: مَخْصُوصٌ بِالنَّمَاءِ وَالرِّبْحِ، وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ، فَتَقِيسُ عَلَيْهِ مَحَل النِّزَاعِ. (3) وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، إِلَى أَنَّ الْحَوْل الأَْوَّل يَنْقَطِعُ فَيَسْتَأْنِفُ كُلٌّ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْحَوْل عَلَى مَا أَخَذَهُ مِنْ حِينِ الْمُبَادَلَةِ فِي السَّائِمَةِ.
أَمَّا الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يُسْتَأْنَفُ الْحَوْل إِنْ لَمْ يَكُنْ
__________
(1) بدائع الصنائع 2 / 16، ابن عابدين 2 / 33.
(2) حاشية الدسوقي 1 / 438، مواهب الجليل 2 / 265، المغني 2 / 675.
(3) المصادر السابقة.
صَيْرَفِيًّا يُبَدِّلُهَا لِلتِّجَارَةِ، وَكَذَا إِنْ كَانَ صَيْرَفِيًّا عَلَى الأَْصَحِّ. وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ اسْتِبْدَال الدَّنَانِيرِ بِالدَّنَانِيرِ، أَوْ بِالدَّرَاهِمِ، لاَ يَقْطَعُ الْحَوْل.
قَالُوا: لأَِنَّ الْوُجُوبَ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَعْنَى لاَ بِالْعَيْنِ، وَالْمَعْنَى قَائِمٌ بَعْدَ الاِسْتِبْدَال فَلاَ يَبْطُل حُكْمُ الْحَوْل كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ، بِخِلاَفِ السَّائِمَةِ، لأَِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ، وَقَدْ تَبَدَّلَتِ الْعَيْنُ، فَبَطَل الْحَوْل عَلَى الأَْوَّل، فَيَسْتَأْنِفُ لِلثَّانِي حَوْلاً. (1) وَالتَّفْصِيل فِي بَابِ " الزَّكَاةُ ".
أَمَّا إِذَا اسْتَبْدَل نِصَابَ الزَّكَاةِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، بِأَنْ يَبِيعَ نِصَابَ السَّائِمَةِ بِدَنَانِيرَ أَوْ بِدَرَاهِمَ، أَوْ بَادَل الإِْبِل بِبَقَرٍ، أَوْ غَنَمٍ، فِي خِلاَل الْحَوْل، فَإِنَّ حُكْمَ الْحَوْل يَنْقَطِعُ وَيَسْتَأْنِفُ حَوْلاً آخَرَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. (2)
هَذَا إِذَا لَمْ يَفْعَل ذَلِكَ فِرَارًا مِنَ الزَّكَاةِ، أَمَّا إِذَا فَعَل ذَلِكَ فِرَارًا مِنْهَا، لَمْ تَسْقُطِ الزَّكَاةُ، وَتُؤْخَذُ فِي آخِرِ الْحَوْل إِذَا كَانَ الإِْبْدَال عِنْدَ قُرْبِ الْوُجُوبِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، (3) وَقَالُوا: إِنَّهُ قَصَدَ إِسْقَاطَ نَصِيبِ مَنِ انْعَقَدَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِ، فَلَمْ يَسْقُطْ كَمَا لَوْ
__________
(1) بدائع الصنائع 2 / 15، المجموع 5 / 361.
(2) المصادر السابقة.
(3) مواهب الجليل 2 / 264، حاشية الدسوقي 1 / 436، المغني 2 / 676، كشاف القناع 2 / 178.
الصفحة 255