كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 18)

فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ. (1)
وَالْحَيَاءُ مِنْ مُوَاجِهَةِ الظَّلَمَةِ، وَالْفُسَّاقِ وَزَجْرِهِمْ، وَتَرْكِ الْجَهْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ حَيَاءٌ لَيْسَ بِحَيَاءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَجْزٌ وَمَهَانَةٌ، وَتَسْمِيَتُهُ حَيَاءً: مِنْ إِطْلاَقِ بَعْضِ أَهْل الْعُرْفِ: أَطْلَقُوهُ مَجَازًا لِمُشَابِهَتِهِ الصُّورِيَّةِ لِلْحَيَاءِ الشَّرْعِيِّ. (2)

أَخْذُ مَال الْغَيْرِ بِسَبَبِ الْحَيَاءِ:
7 - صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ: إِذَا أَخَذَ مَال غَيْرِهِ بِالْحَيَاءِ كَأَنْ يَسْأَل غَيْرَهُ مَالاً فِي مَلأٍَ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ بِبَاعِثِ الْحَيَاءِ فَقَطْ، أَوْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ حَيَاءً هَدِيَّةً يَعْلَمُ الْمُهْدَى لَهُ أَنَّ الْمُهْدِي أَهْدَى إِلَيْهِ حَيَاءً لَمْ يَمْلِكْهُ، وَلاَ يَحِل لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُل طَلَبٌ مِنَ الآْخِذِ، فَالْمَدَارُ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ بِأَنَّ صَاحِبَ الْمَال دَفَعَهُ إِلَيْهِ حَيَاءً، وَلاَ مُرُوءَةً، وَلاَ لِرَغْبَةٍ فِي خَيْرٍ، وَمِنْ هَذَا: لَوْ جَلَسَ عِنْدَ قَوْمٍ يَأْكُلُونَ طَعَامًا، وَسَأَلُوهُ أَنْ يَأْكُل مَعَهُمْ، وَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ حَيَائِهِمْ، لاَ يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ مِنْ طَعَامِهِمْ، كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الضَّيْفِ أَنْ يُقِيمَ فِي بَيْتِ مُضِيفِهِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ الضِّيَافَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ فَيُطْعِمُهُ حَيَاءً.
__________
(1) حديث أم سلمة: " جاءت أم سليم. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 388 - ط السلفية) ، ومسلم 1 / 251 - ط الحلبي) .
(2) عمدة القاري 1 / 152.
فَلِلْمَأْخُوذِ بِالْحَيَاءِ حُكْمُ الْمَغْصُوبِ، وَعَلَى الآْخِذِ رَدُّهُ، أَوِ التَّعْوِيضُ عَنْهُ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّعْوِيضُ بِقِيمَةِ مَا أَخَذَ أَوْ أَكَل مِنْ زَادِهِمْ، وَقَال ابْنُ الْجَوْزِيِّ: هَذَا كَلاَمٌ حَسَنٌ لأَِنَّ الْمَقَاصِدَ فِي الْعُقُودِ مُعْتَبَرَةٌ (1) .
وَلَمْ نَطَّلِعْ عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ.
__________
(1) نهاية المحتاج 5 / 146، حاشية الجمل 3 / 469، مطالب أولي النهى 4 / 380 - 381.

الصفحة 263